الـ “بي بي سي” والأجندة غير المفتوحة
لم تكن ليلة أمس حصة “أجندة مفتوحة” على فضائية “بي بي سي عربي” مفتوحة، بل كانت مغلقة الزوايا وأحادية الاتجاه في تناولها لقضية الصحراء الغربية، تحول فيها المنشط الى طرف وناطق باسم نظام المخزن وزبانيته بنقل مغالطاته حول النزاع وضرب سمعة الجزائر، ما أساء الى الموضوعية التي تتميز بها الفضائية، وهو الخرق الثاني لها بعد تغطيتها لمراسبم طلب عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، غير أن موضوعية المتحدث باسم المجلس الانتقالي الليبي، ومفاجأة المحامي، سعد جبار، بتأكيده على أحقية الشعب الصحراوي في تقرير مصيره أنقذ الموقف.
-
منشط الحصة، ودون حرج، جعل من الحصة منبرا لترويج مغالطات الرباط حول النزاع الصحراوي ونقل مزايداتها بشأن مستقبل علاقة ليبيا بالقضية على خلفية ما روج من ادعاءات تقول بمشاركة مرتقزفة صحراويين إلى جانب كتائب القذافي، على غرار الحملة التي شنتها الدبلوماسية المغربية، ومن سار في فلكها ضد الجزائر، وراح يبرر المعلومة بمقال صحفي، في حين رفض تصديق كلام رئيس المجلس الانتقالي، عبد الجليل شخصيا، نفى فيه هذه الإدعاءات، مع أننا نعلم أن بعض الوسائط الإعلامية تحولت الى جبهة حرب أخرى غير نزيهة أو شريفة.
-
وفي ذات الاتجاه الأحادي المغالط، والذي يبين محدودية تحكم المنشط في ملفه المطروح للنقاش وعلى المباشر، ذهب المنشط الى التساؤل عن موقف الجزائر المتناقض، حسبه، بين موقف الحياد في الأزمة الليبية، أو دعم جبهة القذافي، في حين أعلنت دعمها للبوليساريو منذ البداية، متجاهلا أن النزاع الليبي نزاع داخلي يهم شعبا واحدا ودولة واحدة، ومن مبادئ الدبلوماسية الجزائرية عدم التدخل في الشأن الداخلي، كما حدث مع تونس ومصر، وما زاد من تمسكها بحياديتها، موقف الإتحاد الإفريقي الذي تنتمي إليه الجزائر، بل وكانت أحد مؤسسيه، وتداخل المشاهد في النزاع، وخاصة اليد الغربية غير البريئة، أما النزاع الصحراوي فالأمر يتعلق باحتلال دولة لشعب آخر ثار لطرد المستعمر الاسباني، خاصة وأن خلفية الاحتلال مبنية على أسس توسعية مكشوفة، ومن التواطؤ والنذالة والتنكر لقيم ثورة نوفمبر العظيمة أن تتجاهل الجزائر، البلد الجار، القضية أو تصفق للمستعمر الجديد.
-
ومن يعتقد، المنشط أو غيره، وحتى وإن أعطت الجزائر ظهرها الى القضية والأطماع المغربية السافرة، بأن الصحراء الغربية إقليم مغربي، فإنه يكذب على نفسه قبل أن يفتري على العالم، لأن:
-
ـ القضية مطروحة على الأمم المتحدة منذ 1963.
-
ـ القضية مدرجة ضمن اللجنة الأممية لتصفية الاستعمار، في انتظار إجراء استفتاء تقرير المصير.
-
ـ المغرب، الذي يدعي بهتانا أن الجزائر طلبت ممرا الى المحيط الهادي عبر الصحراء الغربية، اقتسم الصحراء الغربية مناصفة مع موريتانيا، وهذه حقيقة وليست إشاعة، وهو ما يؤكد أنها غنيمة خداع وليست أرضا مغربية، ثم استولى على كل الأراضي الصحراوية بعد انسحاب نواقشط.
-
ـ الخبرة القانونية الأممية نفت وجود علاقة بين المغرب، المختزل في العرش، والشعب الصحراوي، وأن ما يثيره نظام المخزن لا يبرر ضم الأراضي الصحراوية.
-
ـ الخبرة الأممية أكدت طابع الاحتلال للأراضي الصحراوية واعتبرت استغلال ثرواته نهبا وخرقا لكل القوانين الدولية.
-
ـ المغرب دخل في مفاوضات مع البوليساريو وبإشراف أممي، وهو اعتراف رسمي بجبهة البوليساريو.
-
ـ المغرب رفض الاعتراف باستقلال موريتانيا، وبلغ به الأمر حد قطع علاقاته مع تونس، لأن الحبيب بورقيبة اعترف بموريتانيا دولة مستقلة، كما حاول غداة استقلال الجزائر اقتطاع جزء من جغرافيتها مستغلا حالة الضعف والإنهاك بعد 7 سنوات من الثورة، وهو ما يؤكد الأطماع المغربية التوسعية شرقا وجنوبا، خاصة وأن مشروع الدستور الجديد لم يشر بدقة الى حدود المملكة المغربية، ربما لتحقيق حلم اسمه الأميراطورية العلوية، على غرار ما يحدث في فلسطين ومشروع الإمبراطورية الصهيونية، في وقت يتهم الجزائر بتعطيل اتحاد المغرب العربي، وقبلها بغلق الحدود، وهو من فرض وبشكل منفرد، التأشيرة على الجزائريين لمجرد شبهة في تفجير إرهابي بمراكش، في تصرف صبياني ومزاجي، بينما تملك الجزائر قرائن حول تورط المغرب المباشر في الأزمة الأمنية التي مرت بها وإغراقها بسموم المخدرات، غير أنها لم تقفز على حرمة الجار والاتفاقيات بقيت كما هي.
-
ـ الجمهورية العربية الصحراوية عضو في الإتحاد الافريقي، وتعترف بها 80 دولة موزعة عبر العالم، في حين لا تعترف أية دولة بسيادة المغرب على الصحراء الغربية.