-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

احميدة عياشي: من قال إن “قدور البلاندي” مات؟!

الشروق أونلاين
  • 7111
  • 4
احميدة عياشي:  من قال إن “قدور البلاندي” مات؟!
ح.م
جانب من مسرحية الالم

القارئ لنصوص احميدة عياشي الصحفية لن يجد صعوبة بالغة في هضم مسرحيته المسماة “قرين 62” ولا في بلع شعاراتها السياسية الناقمة على استمرار الأفلان، غموض موقف الإسلاميين، اختفاء وهج الثورة التحريرية، وصعود الأثرياء الجدد!

احميدة قدم “قرين” إنتاجه الجديد بمسرح علولة في وهران الخميس الماضي، معلنا عودة قدور البلاندي، الذي اعتقد البعض أنه اعتزل الفن الرابع منذ سنوات، لكن قدور الذي ينتقد شعار السلطة الدائم.. التغيير في ظل الاستمرارية، لا يعرفه كثير من شباب الجيل الجديد، وعليه، فقد كان لزاما على احميدة أن يبذل جهدا إضافيا من أجل تقديمه للناس، رجلا بسيطا في ملابسه، عاريا في أفكاره، بريئا في مواقفه، لكنه سرعان ما ينقلب إلى سياسي كبير، يفهم ما يرتكبه السياسيون من حماقات، وما تنتجه السلطة والمعارضة من أخطاء متكررة، وفقا لمنطق رجل الشارع البسيط.. خمسون عاما بركات، خمسون عاما وهم باقون ومستمرون فوق رؤوسنا، دون تغيير ولا حتى تفكير في التغيير!

من يعرف ڤمبيطا، الحيّ الشعبي العتيق في بلعباس، وأيضا زوايا وشوارع هذه المدينة الموغلة في القِدم، مثل الطحطاحة، لن يجد صعوبة في فهم ما يقوله قدور البلاندي، بل سيواجه تقاسيم لوحة فنية مبعثرة، بذل فيها الجسد مجهودا كبيرا لتوصيل فكرة العبث المنظم، بين الطفل الذي يكبر محتضنا حكايات جدته، والرجل الذي يعجز عن حماية حبيبته مامية وأولاده من قرار هدم البيت.. قدور البلاندي يتسوّل الرجولة في بعض المشاهد: “لله يا مومنين، هل من رجل، أو حتى ربع رجل، من أجل أن يقول لا للفوضى، ولا للتسيب ولا للحڤرة، فلا يجد”.. نداء البحث عن الرجولة، هو نداء الضمير الميت سريريا داخلنا، وهو أيضا تعرية للقبح السياسي الذي لم يتغوّل إلا بسبب العجز والإخفاق الشعبي المستمر، ففي النهاية: من يهن يسهل الهوان عليه!

الطفل الذي يكره حمّام النساء والذهاب للمسجد مع الرجل في الحي، يعشق الدردبة وأكل الروينة، يسحره مروض الأفاعي في الشارع، هو خليط أنتج لنا قدور البلاندي في 2012، وبالمناسبة، فهو لا يختلف كثيرا عن قدور البلاندي في الثمانينيات، وقت مساعدية أو وقت بلخادم، لا فرق بين الإثنين إلا بمزيد من الهوان والضعف وكثرة الحاجة وزيادة السؤال.

مهمة استنطاق الجدار الصامت، تقود بطل المسرحية لمواجهة محتومة وغير محسوبة مع الشرطة، فتمنحه تأشيرة مفتوحة لزيارة الآخرة، حتى وإن رفض التسليم بموته في جلسة تعذيب، حيث أنه يقول متهكما وباحثا عن أصدقائه الذين يفترض أنهم “يحترقون بنار جهنم”، وآخرون يسبحون في نعيم الجنة، أنه جاء هنا لزيارة قصيرة فقط، وليس للإقامة الدائمة!

لكن يا قدور البلاندي، أليس الفقراء يدخلون الجنة، فلماذا هذا التشبث الكبير بالدنيا التي لم تأخذ نصيبك فيها ومنها؟!

احميدة عياشي أهدى النص لروح الإعلامي والمسرحي جلول جدي الذي قتله ارتفاع الضغط مساء الأربعاء الماضي في بلعباس، فأضيف لقائمة طويلة ومفتوحة من الصحفيين والمثقفين الذين يموتون في صمت بسبب أمراض الضغط وتلف الأعصاب.. مرض يقاومه احميده بالفن والكتابة، ويدافع فيه عن آخر ما تبقى من أمل في جعبة البسطاء.. وفي جعبة قدور البلاندي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • محمد الصغير

    عـــن أي حَمــــــيدة تتكلمـــــون , أنـــا لا أعرفهــــا ؟
    و عــــن أيّ عيـــاش تتحــــدّثون ؟

  • hamid22

    رحمك الله يا جلول...انا للله و انا اليه راجعون

  • عبد الرحيم

    يعطيك الصحة يا استاذ حميدة هذا هوالناضل عرفتك من خلال كتابتك الثورية في زمن الفوضوية لكن مع احترامتي لكل الصحافيين الكبارجيل الثورة والبناء فانا لا احترم الاالقلةالقليلة من الصحافيين و انت منهم رغم وجود بعض الخلافات الاديولوجية الى الامام ليس المهم ان نفوز و لكن المهم ان نقول و ان نفعل كما قال امرو القيس فقلت له لا تبكي عينا انما نحاول ملكا او نموت فنعذرا شكرا لك و تبا لجميع المزمرين الثورة كانت يجب ان تستمر لكن الخونة باعوا السنبل و هو اخضر و لم ينتضروا لينضج و ينتفع به جميع الشعب

  • بدون اسم

    ـــ/ حميدة العياشي من بين الوجوه التي رسمت السلطة الرابعة في الجزائر وهو انسان شجاع