-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

آن للقلوب أن تتطهّر لاستقبال رمضان

سلطان بركاني
  • 1629
  • 0
آن للقلوب أن تتطهّر لاستقبال رمضان

لا تزال الأيام تنسحب سريعا بين يدي رمضان، وهي تنادي في المسلمين أن يستعدّوا لاستقبال شعر الغفران والعتق من النّيران؛ فما أجمل أن نبحث في هذه الأيام المتبقية قبل الشّهر الفضيل عن قلوبنا وأرواحنا ونُعدّها لاستقبال الضّيف العزيز، ونكشف عنها غشاوة القسوة والغفلة علّها تلين وتسمو في أيام وليالي رمضان الغالية.. إنّه لا يليق وليس ينفعنا أبدا أن يحلّ علينا رمضان وقلوبنا قد غطّاها الرّان وشلّتها القسوة وحالت بينها وبين الخشوع لله الواحد الديان.. أشهر متطاولة وأرواحنا تهيم في أودية الدنيا ولججها، وقلوبنا ترتوي من حبّ الدّنيا ومتعها الفانية، وقد آن لها أن تتهيّأ لنفحات رمضان وروحانياته.

ما أجمل أن نستعدّ لاستقبال الشهر الفضيل بإعلان التّوبة أياما قبل حلوله، ليحلّ علينا وقد ألقينا عن كواهلنا الذّنوب والآثام، وعاهدنا الله على الاستقامة والاجتهاد في طاعته ومرضاته.. ما أجمل أن نستعدّ لاستقبال شهر الرّحمات بكثرة الاستغفار، علّ الله يمحو عنّا الخطايا ويحطّ الأوزار، ويمنّ علينا بإطلاق قلوبنا وأرواحنا من سجن الدّنيا إلى رحاب التعلّق بطاعته ومرضاته.

ما أجمل أن نستعدّ لاستقبال رمضان بتهيئة بيوتنا لحلول شهر الطاعات والنفحات.. عيب أن نهتمّ بإعداد ما يملأ بطوننا، ونغفل عمّا يحيي قلوبنا ويزكو بأرواحنا.. آن الأوان أن نستعدّ لاستقبال رمضان بحثّ أهلينا وأبنائنا على إعداد برامج لحسن استغلاله، وتخصيص أوقات راتبة لقراءة القرآن، وأخرى للذّكر والاستغفار والدّعاء، وأخرى للقيام وأخرى للمساهمة في أعمال الخير والبرّ.. آن الأوان أن نستعدّ لاستقبال رمضان بنفض الغبار عن مصاحفنا وعن كتب الأدعية التي نسيناها وأهملناها، وبضبط أجهزة التلفاز والحواسيب في بيوتنا على القنوات الهادفة والمواقع النّافعة.

ما أجمل أن نستعدّ لاستقبال رمضان بتخصيص شيء من أموالنا لإفطار الصّائمين ومساعدة الفقراء والمساكين في هذا الشّهر الفضيل.. أسر كثيرة لا تعرف في رمضان الموائد المليئة والأطعمة الشهية.. طالما اكتفى أفرادها بروائح الأطعمة الزكية التي تدخل بيوتهم من غير استئذان.. بل إنّ هناك أسرا لا تَذوق اللحم في رمضان، وأخرى لا يزيد إفطارها على الخبز والحليب.. الفقر عناء وبلاء، وبخاصّة في رمضان، حيث تمتلئ الأسواق بألوان وصنوف الأطعمة والملاذ والحلوى، وتنطلق من البيوت روائح أشهى الأطباق، والفقراء ينظرون بأعينهم ويشمّون بأنوفهم بينما لا يدخل أجوافَهم سوى أطعمةٍ هي نفسها الأطعمة التي يأكلونها في غير رمضان.

إنّنا مسلمون ومؤمنون، ونحن جزء من أمّة الرّحمة والتراحم، ولا يليق بنا أبدا أن نغفل على أعتاب شهر الرّحمة عن الأسر التي تعيش بيننا وتكابد الفاقة والفقر.. حرام وعيب هذا الذي نسمع عنه ونراه كلّ عام.. في الدول الغربية، تعمد بعض المتاجر الكبيرة إلى خفض أسعار كثير من الموادّ الاستهلاكية مع حلول شهر رمضان وتضع لافتات كبيرة على واجهاتها تهنّئ المسلمين برمضان، وتبشّرهم بخفض الأسعار، بينما تلتهب أسعار الموادّ الاستهلاكية في بلاد المسلمين عشية رمضان ليصل الأمر إلى حدّ تضاعف أسعار بعض الموادّ، فتزداد معاناة الفقراء وتتفاقم محنتهم بسبب جشع كبار التجّار، وبسبب غفلة الأغنياء والموسرين عن مدّ يد العون إليهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!