-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أكياس ‘النفط’.. وآبار ‘الحليب’

الشروق أونلاين
  • 1347
  • 0
أكياس ‘النفط’.. وآبار ‘الحليب’

عبد الناصر

تجوع الحرة ولا تأكل من ثديها.. أما نحن فنأكل من أثداء الوطن حتى الثمالة، ونرضع ونحن في حالة تخمة، والنتيجة أن سعر النفط بلغ أرقاما خرافية وإنتاج الجزائر من بترول وغاز لامس السحاب، ومع ذلك نعيش أزمة “أكياس” حليب جعلت رئيس الحكومة ينسى لبرهة التشريعيات القادمة وأزمات السكن والبطالة وانتشار الجريمة ومظاهر الحراقة والمخدرات وملف الخليفة لذطمئن الحزائريين الذين غرقوا في حبر ولعاب الحليب بأن مادتهم البيضاء في أمان مؤقتا.أسعار البترول التهبت وحليبنا مازال باردا، مساحة مراعينا لم ترد شبرا أمام أرقام نفطية وصلت سقف الثمانين دولارا ورؤوس البقر بقيت كما كانت وضروعها حافظت على جفافها ليبقى المنحنى البياني النفطي في ارتفاع والمنحى البياني الحليبي في انخفاض ضمن أعجب معادلة اقتصادية تجعل كل الدول النفطية في معارك اقتصادية ونووية وزراعية ونغرق نحن في شر “حليب”.

ما جدوى خزينة متخمة بملايير الدولارات ونحن نعجز عن تحقيق الاكتفاء الذاتي في الماء والخبز والحليب، كل التقارير الفلاحية تؤكد أن الجزائر بدون الاعتماد على عائلات قطرة واحدة من البترول قادرة على تصدير البقر بدل حليبه، فما بالك بهذا السائل الأبيض المسمى مجازا حليبا.

الجزائر استطاعت منذ الاستقلال إنتاج عشرات الآلاف من البياطرة ومئات الآلاف من صيادلة الأغنام ومهندسي الفلاحة واستوردت أطنانا من أدوية المواشي ورؤوس الأبقار من النمسا وسويسرا وهولندا واستقدمت مسحوق الحليب ومشتقاته من فرنسا والدول الاسكندنافية، وعجزت بالمقابل عن تقديم حليب غذائي لمواطن اكتشف فجأة بأن هذا السائل الأبيض المدعو ظلما حليبا قابل لأن يتضاعف سعره ويدخل عالم الندرة، خاصة أن تطمينات رئيس الحكومة كانت بتحفظ واضح هو أشبه بسيروم من حليب مخدّر.

صحيح أن مناخنا ومعدل التساقط عندنا لا ينافس غيث هولندا وبلجيكا، وصحيح أن مراعينا ليست خصبة مثل مراعي أستراليا وكندا، وصحيح أن جامعاتنا البيطرية والفلاحية مازالت فتية مقارنة بالجامعات الفرنسية والإنجليزية، لكن الصحيح أيضا أن تهاطل النفط أقوى إنتاجا وآبار النفط أكثر خصوبة ومركبات أرزيو وسكيكدة تمنح شهادات من دولار وأورو.

غريب فعلا أن يرتفع سعر البترول “لنا” فترتفع أسعار الحليب والمواد الغذائية “علينا”، وغريب أن يزداد هذا السعر ارتفاعا “لنا” فترتفع أسعار السكنات والنقل العمومي والخاص والدواء والكهرباء “علينا أيضا”، وأغرب ما في الحكاية أن ينفجر سعر البترول ارتفاعا “لنا دائما” فترتفع أسعار المازوت والبنزين “ضدنا طبعا”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!