الرأي

ألا توجد قُدوة بيننا؟

محمد سليم قلالة
  • 1674
  • 0

هناك تشويهٌ مُتَعَمَّد ومُمَنْهج لغالبية الرجال والنساء الذين قادوا الثورة وكانوا سببا في استعادة استقلالنا، سيَطال ذات يوم، إن استمرت الحال على ما نحن عليه، أكثر الزعماء التاريخيين صِدقا وإخلاصا في الفكر والعمل. وهناك تشكيكٌ في كل مسارات الدولة الجزائرية، وفي كل قادتها من رجال ونساء، خاصة بعد أن تَنقضي عُهداتهم أو يَبتعِدوا عن سدة الحكم، وهناك تشويهٌ لمثقفيها وأدبائها ونُخبها، إن لم يكن مِن هؤلاء، فمِن هؤلاء.. بل هناك تشويهٌ وتشكيك في كل ما له صلة بهذا البلد، حتى الماء والهواء…

أليس خَلف هذا كله سياسة معينة وتخطيطٌ معين يستهدفان تحطيم كل جميل في هذا الوطن؟ أليست هناك محاولة واضحة لإدخال أبنائه في حالة من كُره الذات واليأس المؤديين بالضرورة إلى الانتقام والتخريب والتدمير الذاتي، وأخيرا إلى الفوضى العارمة التي ستُسمى ثورة أو إرهابا أعمى؟ 

بكل المقاييس، الكمال ليس للبشر، وبكل المقاييس القُدوة الكاملة ليست سوى للرسل والأنبياء، ولكن هل يَمنع هذا أن تكون بيننا قدوة اليوم من الرجال الصالحين والنساء الصالحات كما كانت عبر التاريخ؟

مَن الذي يَمنع أن نَجد بيننا القدوة الحسنة التي تتطابق أفعالها مع أقوالها، وتكون في مستوى المَثل الذي يَتطلع إليه الناس صِدقا وثِقة في قيادتهم إلى برّ الأمان، إِنْ في العلم والأدب أو في السياسة الاقتصاد؟

ألا يوجد مثل هؤلاء؟

إذا كان لا وجود لهم بين أبناء الجيل الأوّل من قادة الدولة والمجتمع، وإذا افترضنا أن كل هذا الجيل قد طَاله التشويه أو الاختراق، رغم أن ذلك ليس صحيحا، أليس بين أبناء اليوم من يستطيع القول هاأنذا؟

علينا أن نُحرِّك العمق الشعبي بداخلنا، وأن نَبحث عن القدوة بيننا إذا أردنا أن نَفلت من مُخطّط تشويه الرموز وأسر المشروع الذي هو قاب قوسين أو أدنى مِنَّا. 

ينبغي ألا نشك لحظة، أنه بعيدا عمّن نراهم اليوم في الواجهة، بعيدا عمّن تَتحدث عنهم وسائل الإعلام أو تُحاول تقديمهم كرموز للمجتمع، هناك في القواعد الشعبية مَن يَجمَعون في ذات الوقت بين القدوة والقدرة على القيادة.. لنبحث عنهم ونَبني بلدنا من خلالهم. 

ألم تكن صفوة أبناء الجزائر ممن قَدَّموا أنفسهم فداء للوطن من شهداء ومناضلين من بين أبناء الشعب البسطاء؟ ألم يَصنع هؤلاء التاريخ؟

بلى لقد فعلوا، واليوم أيضا، فقط ينبغي استعادة زمام المبادرة.. وذلك معنى العودة إلى الشعب والاحتكام إلى الإرادة الشعبية، مطلبنا جميعا لاستعادة الثقة ولاكتشاف القُدوة.

مقالات ذات صلة