الرأي

أنا أو.. أولاش..

عمار يزلي
  • 1325
  • 4
ح.م

تمكنت السلطة من ترويض أصحاب مطلب المرحلة الانتقالية، وفرضت عليهم أجندتها السياسية، المتمثلة في البقاء ضمن الدستور ولا خيار غيره. يبدو هذا واضحا، من خلال مسعى الحوار الذي تعمل الرئاسة جاهدة من أجل إنجاحه هذه المرة، على خلاف المواعيد السابقة، التي لم تعمل على إنضاجها، وفضَّلت العمل الأحادي وضبط عقارب الساعة على 3 أشهر الدستورية لرئيس الدولة.

فتوى المجلس الدستوري، التي كانت تخريجة اجتهادية دستورية، برغم أن القياس لا يجوز دستوريا، جعلت رئيس الدولة في راحةٍ من الزمن والوقت والمهلة، ودفعت أيضا بالمعارضات الرافضة للباءات إلى الاقتناع بأن الباء الكبرى باقية إلى أن تتم الانتخابات، ومن دونها، فالباء باقية وتتمدَّد. لعل هذا ما أقنع المتشككين في نوايا السلطة والخائفين على مصالحهم وخنادقهم السياسية إلى أنه: لكي نتخلص من الباءات، علينا بقبول إجراء الانتخابات وقبول الحوار لتشكيل آليات ذلك. السلطة كانت أذكى لمّا رمت بالكرة إلى ملعب المشككين والرافضين والمرافعين لصالح المرحلة الانتقالية، واختارت منهم من رشحوهم هم بأنفسهم.. وقالت لهم بعبارةٍ مباشرة: اتفقوا في ما بينكم، لا دخل للرئاسة ولا للجيش ولا للحكومة في ما تقرِّرونه، ونحن سنعمل على التنفيذ فقط.

هكذا تمّ إحراج الجميع، وخاصة الغلاة منهم، لكون رؤية السلطة في تنظيم الانتخابات وآلياتها كان أرفع سقفا من تلك التي بنتها المعارضة. لهذا، لا شيء يخيف السلطة في هذا الشأن، وكل ما في الأمر أنها تريد أن يطمئن الجميع إلى أن الاستحقاق الرئاسي القادم تريده أن يكون حقيقيا، شفافا وذا مصداقية وديمقراطيا أكثر من مطلب الديمقراطيين أصحاب المحاصصة السياسية.

نمتُ على هذا الحدث، لأجد نفسي معارضا شرسا، أتحاور مع لجنة الحوار، باعتباري معارضا للحوار أصلا.. قلت لهم: نحن نرفض الحوار، نحن نطالب بالمفاوضات. ردّ عليّ ممثلٌ عن لجنة الحوار: مفاوضات علاه، تحسب أحنا ديغول؟ واش راك تقول؟ قلت له: نتفاوضوا يعني نتناقشوا. قال لي: وحنا واش رانا نديروا هنا؟ نلعبوا الكارطة؟ جينا باش نسعوا لكم ونتناقش.. يالله قول واش عندك. قلت له: أحنا يخصنا نربحوا بلا ما ننتخبوا. قال لي ضاحكا: معناه ماكان لاه ننظّم الرئاسيات؟ ماكان لاه نتحاور أصلا؟.. يالله يا سيدي أروح أنت رئيس أو أحد من أصحابك الديمقراطيين وهاهي الديمقراطية.. قلت له: أحنا إذا نظمتم الانتخابات، نخسروا.. لهذا أولاش الفوط. قال لي: معناه غير تربحوا أنتم وإلا ماكانش الفوط؟ هذه هي الديمقراطية نتاعكم؟ قلت له: أحنا نختار الرئيس، مش الشعب.. قال لي: والشعب واش يدير؟ يلعب الكرة؟ قلت له: يروح يدير روحه ينتخب، وأحنا من يقرر شكون ينجح. قال لي: هذا ما كان النظام يفعل منذ الاستقلال. جماعة تختار الرئيس والشعب يروح يفوطي شكلا، أي يزكي الاختيار، والنتيجة معروفة سلفا.. نحن نريد أن يختار الشعب فعلا من يريد ومن يحب ويختار.. ولا يحتار، سواء تعلق الأمر اليوم بالرئاسيات أم مستقبلا مع رئيس الجمهورية الجديد، في الاستحقاقات المحلية والتشريعية.. نريد أن ننتهي من نظام المحاصصة. قلت له: صحّة أعطونا الحصّة الكبرى.. قال لي: أقلية تريد أن تكون الأغلبية علاه؟ قلت له: نحن هم النُّخب المتعلمة بالفرنسية والدّارجة.. فرنسا كانت تفعل نفس الشيء معنا.. معكم.. كأنديجان.. لماذا قبلتم؟ قال لي: وعلاش خرّجناها بالسلاح لو كنا قبلنا؟ قلت له: الحاصل: رانا موافقين بصّح إذا كان الرئيس منا، وإلا نحن ضدّ. قال لي: الخوارج قالوا هذا قبلكم.. انتهى اللقاء.

وأفيق على وقع أغنية: “الله يعطيك الردم أباري.. خليت يمينة بلا والي”.

مقالات ذات صلة