-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

أولويات.. البناء قبل الغناء

محمد سليم قلالة
  • 1395
  • 10
أولويات.. البناء قبل الغناء

بلا شك أن المواطنين المحتجين على المهرجانات الفنية غير الملائمة في هذا الفصل إنما يفعلون ذلك، لا كرها في الفن بحد ذاته، إنما استنكارا لغياب ثقافة الأولويات في سياساتنا؛ إذ لا يعقل أن يَحضُر مواطن مهرجانا فنيا وهو لا يجد مياه الشرب، أو يفتقد أساسيات العيش الكريم من كهرباء وغاز وطريق، أو يعاني من البطالة القاتلة، أو لا يجد العلاج في المستشفى الذي يقصده، أو بلا سقف يؤويه وعائلته منذ سنوات عدة… أي إن المسألة في واقع الأمر، لا تتعلق بمهرجانات الغناء تحديدا إنما بكل تلك التظاهرات والمهرجانات والحفلات والمآدب التي تُنظَّم بمناسبة وبغير مناسبة على حساب أولويات المواطن الحقيقية، أي إنها أعمق مِمَّا بَدَت عليه، باعتبارها تشير إلى الموقف من أزمة حقيقية تعرفها البلاد منذ سنوات، وتتعلق بسوء التسيير وبتبديد المال العام في مجالات غير ذات أولوية، تبدأ من الصفقات العمومية الكبرى وتنتهي بحفلات الغناء والرقص… أي إن هذه الحفلات ليست سوى النقطة التي أفاضت الكأس بما حملته من استفزاز لمشاعر الناس.
وبرغم وضوح هذه الرسالة المنبثقة من العمق الشعبي في تقديرنا، فقد حاول البعض إعطاءها صبغة “التعصب الديني” أو “معاداة الفن” أو “رفض التمدن” وألبسها غطاء “الصراع الإيديولوجي”، لكي يُخرِجها عن سياقها الصحيح، مستغلا ذلك التعبير الرمزي من خلال الصلاة في أماكن المهرجانات، ليتحدث عن عودة “الأصولية” و”التطرف” و”اللاّتسامح” وغيرها من العبارات المخيفة للجزائريين.. ولعل هذا ما دفعنا إلى كتابة هذه الأسطر على أمل أن يفهم الجميع أن الأمر إنما يتعلق في الواقع بمحاولة تغطية المحتوى الحقيقي والدلالات العميقة للرسالة التي أراد أن يوصلها المحتجون إلى الرأي العام الجزائري وإلى كافة المسؤولين…
إن حركتهم هذه، سواء أكانت في ورقلة أم بلعباس أم بجاية أم غيرها من مناطق الوطن، إنما هي أحد أساليب التعبير عن رفض السياسات القائمة على أساس الإلهاء بالغناء أو بالرياضة، أو بالتهريج السياسي لبعض رؤساء الأحزاب، والدعوة إلى استبدالها بسياسات فعلية قائمة على فهم حقيقي لأولويات المواطن إن لم يكن على المستوى الوطني، فعلى مستوى كل جهة من الجهات.
لقد هالني أن عاينت منذ أيام في أكبر مستشفى بالجزائر العاصمة أن وسائل العلاج خاصة الجراحي منها غير متوفرة تماما لنقص في الميزانية، وفي ذات الوقت علمت أن الدولة خصصت أكثر من 80 مليون دولار للألعاب الإفريقية للشباب، فقلتُ لو استشير المواطنون في هذا الأمر لفضَّلوا الاعتذار عن عدم تنظيم هذه الألعاب لنقص في الميزانية على أن يحرموا المواطنين من العلاج… وهو ذات الشيء بالنسبة إلى مهرجانات الفن الصيفي، ولكل تلك النشاطات والأعمال الشكلية التي لا غاية منها سوى هدر المال العام… تلك هي الرسالة الحقيقية لحركة المواطنة الأخيرة، ولا داعي لتحريفها عن اتجاهها الصحيح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • عبد الحكيم بسكرة

    ردا على المعلق احسن رقم 7 :1)- اتهامك للأستاذ بالتطرف الديني مردود عليك فالأستاذ الى جانب أغلب الأساتذة الجزائريين وطنيين ليس لهم عقدة من الاسلام لأنهم مسلمون و رأيه صائب يؤيده جل و أغلب الشعب الجزائري بدليل تفاعل الشباب في الفيسبوك و أغلب الشباب ذوي شهادات جامعية 2)-اتهامك للمواطنين بالجنوب بالعنصرية ازاء اخوانهم في تيزي وزو بسبب تفوقهم في نسبة النجاح في الباكالوريا هذا غير صحيح لأن رأي بعض الأفراد في الجنوب لا يعني رأي أغلب سكان الجنوب لأنهم يؤمنون بقاعدة من جدَّ وجد و ليسوا معقدين من التفوق لأن أعلى نقطة نجاح في الباكالوريا كانت من نصيب ابناء و بنات الجنوب وهم من قراء و حفاظ كتاب الله

  • مراقبك

    يا احسن انت اسوا نموذج لمن تدافع عنهم.فيق لعمرك يا ضايع.

  • جلال

    نحن مثل الصرصار نغني بالصيف ونذهب نتسول عند النملة بالشتاء,لو أردنا التنمية لعدينا لها عدتها,في خلق حلقات دراسة وتفكير واقتطاع ميزانيات وتكوين جيش من الباحثين والعلماء والمفكرين في كل مجالات الحياة وبعث البعثات السرية والعلنية للأخذ على الشرق والغرب واستعمال جميع الوسائل الؤدية الى ذلك.إننا لم نر بلدا أتت التكنولوجيا الى عقر دارها ووهبت لها وإنما عرقت وتعبت على إقتنائها والبحث عنها واليابان خير مثال على ذلك ,لا بأس من الترفيه ولكن ليس على حساب مجالات حيوية وضرورية واستعمال أشياء مثل هذه لإلهاء الناس لم يعد مجديا وعلى المسؤول أن يظهر حنة يده في الميدان ليكون محبوبا عند الناس حتى لو أخطأ

  • احسن

    من الغرائب ان يتهجم استاد جامعي على مهرجانات للاغنية او على كل ما له صلة بالثقافة . نعم المشكل في هدا البلد هو الدين الاسلامي اللدي هو دين حاقد على كل من يريد ان يرفه عن نفسه. و الخطر هو عودة ائمة العشرية السوداء من اشباه الاستاد سليم قلالة اللدي هو معروف عن انتماءه للاصولية المتطرفة الاسلامية المقيتة. ولكن بما ان سي سليم يتعاطف مع هؤلاء اللدين يمنعون التضاهرات الفنية و الثقافية و خاصة في الجنوب, لما دا لا ينهى سكان الجنوب عن الاعتداءات المتكررة ازاء القبائل و عنصريتهم الصريحة ضد ابناء القبائل اللتي تضهر كل عام لما تصدر نتائج الباكالويا و لا يتسائل عن كيفية صعود ولاية تندوف من 25" ال63% بصفة

  • سامي

    هؤلاء المسؤولين لما فشلوا في تسيير أمور بلدياتهم أو ولايتهم بدءا من تسيير القمامة التي غزت المدن و الشوارع، يحاولون إلهاء الناس بالعفن الذي أسموه فنا؟ فعلا فاقد الشيء لا يعطيه؟؟؟ فماذا ننتظر من الأصفار غير الشطيح و الرديح؟؟؟

  • DJOUAD FAYCAL

    هناك مثل شعبي يقول : كي تشبع الكرش تقول للراس غني

  • مضلوم

    من الواضح ان السبب ديني لو كان السبب التنمية لطالبوا بوقف التبدير على الملاعب و كرة القدم اضافة الى الحج ( كل واحد يروح للحج على دراهموا ماشي الدولة تبعثوا )

  • البشير

    هل هذه الظاهرة فعل مواطنة أم تعصب ديني.,؟ السؤال مطروح والجواب ليس سهلا والكل يرى في هذه الظاهرة ما يريد. إذا كان هذا تعبير عن فعل مواطنة أي تعبير عن وعي اجتماعي وسياسي بضرورة التغيير ووضع حد للفساد المنتشر فهذا يبشر بالخير أما إذا كان فعلا نابعا عن معتقد ديني يرى في الفن والغناء محرمات (على الطريقة الطالبانية والداعشية)فهذه كارثة عظمى وتعني أن الفرج في هذه البلاد ما زال بعيدا هذا إن كتب له أن يأتى يوما .

  • okba

    يظهر انكم كلكم في اخر المطاف لكم نفس الاهداف والطموحات.ان الاشكاليه في التنميه لايتعلق بالولويات ولكن الاشكاليه في تحقيق وانجاز المشاريع في كل قطاع لايجب ان نستعمل الدين ضد الثقافه فهدا يعني اقصاء فئه من الجزائريين الدين لهم نظرتهم الخاصه والواجب احترامها الجزائر للجميع فجميع القطاعات تعطي لها ميزانيات تنتهي دون تحقيق الاهداف يجب طرح السؤال هنا.لا نريد عوده العشريه السوداء مثل هدا الاحتجاجات تعطي قوه للنطام الدي يخيرنا بين هده الفوظي والهدو والامن والاستقرار كل الجزائريين مع الامن والاستقرار وضد العنف والارهاب وهكدا سنبقي في هده الدوامه وسننتخب العهده الخامسه والعاشره ولا لعوده الارهابيين

  • ابن الجزائر

    يا دكتور الحقيقة المرة هؤلاء المسؤلينل يؤمنون بالشعب مطلقا وانما أيمانهم بأبناء البلد من النخبة ؟ أتدكر العبارة الشائعة والتي رددها الوزير الأول في يوم ما" جوع كلبك يتبعك" هده العبارة على ما أعتقد انتهجها الأستعمار الفرنسي ضد الأنديجان" لكن الفلاسف الفرنسين أرادوا غير دلك بل "سمن كلبك يتبعك ويطيعك" أنظر الى الشياتين حاليا هل هم جياع أم شبعانين؟ الشرعية والشفافية هما أساس البناء،وكل فئة من مجتمعنا لها الحق وعليها من الواجبات هدا هو الدي يجب أن يكون ،مثلا ماهو الهدف من المهرجان ؟ تبدير المال العام،السرقة،تشغيل الفنانين،اغنائهم،من أين يتم تمويلهم هده الأسئلة وغيرها تحلها الشرعية والشفافية