الرأي

إشهار بدون بيع!

عمار يزلي
  • 2737
  • 8

الترشح لمنصب رئاسة الجمهورية في بلادنا، لم يعرف يوما مستوى أحط من هذا الانحطاط منذ عصر الانحطاط! عرفنا مرشح الحزب والدولة الأوحد، الفائز دوما وبنسبة تتجاوز 120٪، وبتواضع نعطي رقم 99.99٪! ولم نكن أحط، وعرفنا التزوير على طريقة الحكم الفرنسي “نيجلن”، ولم نكن أكثر تحنطا! وعرفنا انتخابات ذر الرماد في العيون، ولم نكن تحت خط الفقر السياسي المنحط منذ معركة حطين! لكن عندما نسمح ويسمح لنفسه المقبل على هذا الفعل “المخل بالحياء السياسية والأخلاقي”، بأن يشهر أيا كان نفسه ويشهر بها على أساس أنه ترشح للرئاسيات، خضارا كان أو بائعا متجولا أو كياسا في الحمام أو حامل وفقط لشهادة تخرج تسمى شهادة الميلاد! فهذه الطامة الكبرى!

 مع العلم أننا نكن الاحترام لكل رجال المهن مهما كان مستواهم عندما تكون مهنا شريفة.. بالطبع، ونحترمهم حتى ولو كانوا بدون مهنة! لكن أن يترشح كل من لا يهب لأي شيء يدب، فهذا لعمري نهاية عمر الأخلاق السياسية! وللعلم: فالرئاسة، منصب قيادة، وفاقد الشيء لا يعطيه، ومن لا يملك شهادة قيادة، فليبشر بـ”انقلاب” السيارة، ونهاية محتومة في الهاوية، لكن قد يكون القائد محنكا، ويملك شعبية وبدون مستوى تعليمي كبير، ويكون بقالا وخضارا وإسكافيا، لكن هذا ليس ككل إسكافي وككل خضار وبقال!

لم أنم، بل وجدت نفسي أعيش حالة هستريا أفقدتني الوعي لأرى نفسي بائع خضر متجول على عربة يجرها حمار، التي يسميها الشرطة عندها “العربات التي تجرها الحيوانات” وأسميها أنا بـ”الحيوانات المعربة”! وقد ترشحت للرئاسيات وفزت بقدرة قادر ـ لا قدر الله ـ ماذا صرت أفعل؟ أعطيت الأوامر لنشر مهنة الباعة المتجولين في إطار”لونسيج”، حتى صار كل جزائري بائعا متجولا، وصار الحمار يباع بمائة مليون والبغل بـ200! والعربة تفوق اللوغان، بل صرت أنا عندما أزور أوروبا وأمريكا، وأكثرت من التجوال والتحواس السياسي، صرت أدعو القادة والرؤساء لنشر هذا النمط التجاري الجزائري الديمقراطي الشعبي، وصرت أنا أيضا أخرج في الويك آند متخفيا أبيع الفول والجلبان على عربة “مبغلة” (القلايلي ما ينسى هز الأكتاف.. يقول المثل)، أشعر بالراحة عندما ألهب بالسياط مؤخرة حماري، وأنا في الكارو، ضارب ڤارو، وفي جيبي كاشي، أتفرفرش مع الغاشي ما علابالي باللي رايح ولا بللي ماشي.

عندما استفقت من الغيبوبة، كنت في وسط سوق الخضر فاقدا للحركة والوعي أصرخ: أنا هو الرئيس نتاعكم بلا عماركم!

مقالات ذات صلة