-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مسنون.."مفرنسون" ومتقاعدون يرفعون التحدي

إقبال على أقسام محو الأمّية لتعلم القرآن قبيل رمضان

نادية سليماني
  • 379
  • 0
إقبال على أقسام محو الأمّية لتعلم القرآن قبيل رمضان
أرشيف

 إقبال كبير تشهده أقسام محو الأمية عبر الوطن خلال هذه الفترة، من طرف مواطنين حُرموا من التعليم ومنهم مُسنّون قرّروا تعلم الكتابة والهجاء، رغم بلوغهم من العمر عتيّا. والجميل في الموضوع أن غالبية قاصدي هذه الأقسام يسارعون الزمن للتعلم، ليتمكّنوا من قراءة وحفظ القرآن الكريم خلال شهر رمضان المقبل.
“كهينة” مُعلمة بأحد أقسام محو الأمية بولاية عين الدفلى، تستقبل يوميا بين سيّدة أو اثنتين قادمات من قرى وأرياف الولاية في قسمها الذي يضم 20 امرأة، وجميعهن يؤكدن لها، أنهن يسابقن الزمن لتعلم القراءة لغرض حفظ ما تيسر من كتاب الله في رمضان، وبعضهن يطلبن منها مباشرة تعليمهن كيفية كتابة سور قرآن قصيرة.
وظاهرة ارتياد أشخاص لم يسعفهم الحظ في التعليم، لظروف مختلفة، أقسام محو الأمية هي في انتشار السنوات الأخيرة، بل كثير منهم تمكنوا من حفظ سور طويلة من القرآن الكريم وفي فترة زمنية قياسية، رغم سنهم المُتقدّمة.

التحقت بمحو الأمّية بعد إنجابها طفليْن..
“نعيمة” أمّ لطفلين من مدينة خميس مليانة، تقول لـ”الشروق” بأنها لم تدخل المدرسة أبدا، لأنها كانت تعاني من مرض مزمن منذ صغرها، بينما تعلّمت بقية أخواتها وأكملن تعليمهن الجامعي. وبعد زواجها وإنجابها ودخول ابنها الأكبر للمدرسة، باتت تجد صعوبة بالغة في تدريسه بالمنزل بسب “أمّيتِها”، بينما والده منشغل في العمل. وهذا ما جعل نتائجه المدرسية في تدهور. وهنا قرّرت محدثتنا التسجيل بقسم محو الأمية الذي تمّ تدشينه حديثا بدار الشباب لحي سوفاي بمدينة خميس مليانة، والذي سجّلت فيه كثير من نساء الحيّ.
تقول المُتحدّثة “سجلتُ وأنا كُلّي إصرار على التعلّم، ولم أتغيّب عن أي حصّة دراسيّة والتي تدوم لساعتين مُوزّعة على أربعة أيام في الأسبوع.. وبعد قرابة الـ6 أشهر تعلمت الحروف والقراءة.. وأنا سعيدة جدا، لأنني سأتمكن أخيرا من قراءة القرآن في شهر رمضان المقبل، أكثر من فرحتي بتدريسي ابني”.

“فرونكفونيون” يلتحقون بمحو الأمية حُبّا في العربيّة
وفي هذا الشّأن، تؤكد مُنسّقة محو الأمّية لبلديّة خميس مليانة، صباح بن بسكري لـ”الشروق”، بأنّ المتمدرسين في أقسام محو الأمّية ومن الجنسيْن في تزايد، فهذه الأقسام يقصدها حتى المتعلمين باللغة الفرنسيّة الباحثين عن تحسين مستواهم في اللغة العربية، وخصوصا لقراءة القرآن الكريم.
وقالت “نستقبلُ مختلف الفئات من مُسنيّن وشباب مفصولين من الدراسة، وحتى تلاميذ كانوا بالمدرسة العادية وتعرضوا لتنمّر من زملائهم أو لمشاكل مع معلميهم، فيضطرّون للانقطاع عن التعليم النظامي، ونستقبلهم في أقسام محو الأمية”.
وحسب محدثتنا، غالبية الملتحقين بمحو الأمية من كبار السن، هدفهم هو التمكن من قراءة وحفظ القرآن الكريم.
ولتشجيع المتمدرسات بمحو الأمية، وفي مبادرة شخصية منها، تنظم بن بسكري مسابقات في حفظ القرآن الكريم بينهنّ، وتتحصل الفائزات على هدايا رمزية، ومنها هدية عبارة عن عمرة تبرّعت بها وكالة سفر بالجزائر العاصمة.

المُعلّمون يُناشدُون إدماجهم بدل التعاقد..
وبخصوص مشاكل مُعلمي محو الأمية، تؤكد المتحدثة أن هذه الفئة تشغل منصبها عن طريقة صيغة التعاقد لمدة 10 أشهر فقط، ولا يتلقى المعلم أجرا خلال العطلة الصيفية. وهو ما جعلهم يناشدون السلطات ومنذ عام 2008 للنظر في وضعيتهم أملا في ادماجهم، خاصّة أن كثيرا منهم يُفصلون من عملهم بمجرد فراغ أقسامهم من المُتمدرسين.
وأضافت صباح بن بسكري، بأن معلم محو الأمية، فتح ذراعيه لأمّهات وآباء في دور العجزة وعوّضهم دفء العائلة التي حرموا منها، وفتح قلبه لتلميذة كانت ضحية لمعلمة بمدرسة عمومية تنقصها الخبرة في التعامل، فأعاد بناء شخصيتها وأدمجها في مجتمع لا يرحم، وأعطى فرصة النجاح لتلميذ غير واع دخل متاهات التسرب المدرسي.. وهو من علّم الأمهات والجدّات كيف يقرأن من كتاب الله، بعد ما كُن يمسحن عنه غبار الرّفوف من دون فتحه.
وقطعت الجزائر أشواطا كبيرة في مجال محو الأمّية منذ الاستقلال، عبر إطلاق مشاريع ووضع مخططات ومناهج مدروسة واعتماد استراتيجية وطنية مع تسخير الوسائل المادية والموارد البشرية لمكافحة هذه الآفة.
ويؤكد الديوان الوطني لمحو الأمية وتعليم الكبار، بأنّ نسبة الأمية في الجزائر بلغت 85 بالمائة غداة الاستقلال في أوساط الجزائريين، نظرا لسياسة التجهيل التي انتهجها المُستعمر طيلة فترة الاحتلال.
وهو ما جعل الدولة تعمل على تدارك الوضع “برسم سياسة تربوية شاملة تضمن حق التعليم للجميع، مع السعي إلى سدّ منابع الأمية والتكفل بفئة الأميين بفضل جملة من الإجراءات والتدابير، سمحت للجزائر بالدخول في دائرة البلدان التي تنخفض فيها نسبة الأمية إلى 7،40 بالمائة، حسب آخر تقديرات الديوان”.
وحسب الديوان، فإن عدد المسجلين في فصول وأقسام محو الأمية منذ الشروع في تنفيذ الاستراتيجية سنة 2008 بلغ 4.966.615 دارسا منهم 87 بالمائة اناث وتخرج منهم 3.522.860 على المستوى الوطني، أي ما يعادل نسبة 70، 93 بالمائة من مجموع المسجلين. .
وبولاية الجلفة، أطلق الديوان الوطني لمحو الأمّية، مؤخرا، دورة تكوينية خاصة بطريقة “برايل” استفادت منها مجموعة من المعلمات، بعد تسجيل دارسات كفيفات بأقسام محو الأمية، على أن يتم توسيع العملية مستقبلا واستقطاب الدّارسات والدارسين الذين يعانون من فقدان البصر، وضمان تأطير متخصص وجيد لهذه الفئة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!