الرأي

إنه خطاب التحرير الفلسطيني من أبي عبيدة…

محمد سليم قلالة
  • 1469
  • 2

لم يكن محتوى خطاب الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام “أبوعبيدة” يوم الجمعة الماضي 8 مارس خطابا عاديا، لقد ألقاه عشية شهر رمضان المعظم وفي وقت تُفيد كافة التقارير بأن العدو الصهيوني قد لجأ إلى آخر أسلحة الجبناء لتحطيم إرادة شعب قام يكافح من أجل حريته، “سلاح التجويع”. وظن الكثير أن مثل هذه الحالة ستوهن قوى المقاومة وتفل من عزيمتها وتجعلها ترضخ لمطالب الاحتلال..

فإذا بالعكس هو الذي يحدث: مطلب المقاومة بات أكثر وضوحا اليوم “إنهاء الاحتلال لا بديل عنه”، وتحرير الأقصى هو الهدف الأول لمعركة الطوفان. أما “الأطروحات الأخرى فلا تهمنا” يقول المتحدث، وعليه فقد تقرر مواصلة التَّصدي للعدوان “بمعنويات عالية وروح قتالية منقطعة النظير” في شهر “الطاعات والجهاد والانتصارات” تأسيسا على المبدأ الأول الذي افتتح به خطابه والقائل أن “الحق لا ينتزع إلا بالقوة والسلاح” وأن هذا هو عنوان المرحلة التي نعيشها اليوم بعد أن طغت “القوى الدولية التي تمرست على قهر الشعوب واستعباد الأمم” مستندة على “قوانين بالية” تحمي “القوى الباغية”… ويقصد بها الولايات المتحدة وربيبها الكيان ومَن والاَهُم من القوى الغربية الاستعمارية المُساندة والمُؤيِّدة لهما..

إن هذا الجزء الأول فقط من خطاب الناطق الرسمي باسم كتائب القسّام يُبيِّن أننا لا نعيش حربا محدودة في الزمان والمكان هذه المرة بين الفلسطينيين والصهاينة إنما هي بداية حرب تحرير حقيقية لن تتوقف إلا بعد تحقيق كافة أهدافها، مهما كان الثمن الذي يُدفَع اليوم أو سيدفع غدا باهظا.. إنْ في غزة أو الضفة الغربية أو داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1948، بما يعني أن المقاومة اليوم في غزة لن تكون مؤقتة أو ظرفية أو ستنتهي بمجرد وقف إطلاق النار.. بل العكس هو الصحيح، سيستمر الشعب الفلسطيني في كافة أراضيه المحتلة بتقديم التضحية بعد الاخرى حتى إزالة الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. لقد تأكد للجميع اليوم، بعد هذه التضحيات الجِسام من قبل الشعب الفلسطيني بالدماء والدموع والآلام، أن الغاية التي ستتحقق لن تكون حَلاًّ مؤقتا، بل حلا دائما يُعيد الحق المشروع لأصحابه.. وما محتوى هذا الخطاب الأخير للناطق الرسمي باسم كتائب الأقصى إلا دليلا آخر على ذلك. الطوفان ليس معركة محدودة لأغراض محدودة، بل غرضه الأول والأخير هو التحرير بكل ما لهذه الكلمة من معنى، وما التضحيات الجسيمة التي قدمها الشعب الفلسطيني لحد اليوم إلا الثمن الغالي لتحقيق ذلك.. وهذا ما سيضطر الصهاينة ويضطر العالم إلى فهمه طال الزمن أو قصر، مثلما حدث مع كافة الشعوب التي كافحت من أجل استقلالها ونالته بعد تضحيات جسام…

وهي رسالة واضحة تم تأكيدها اليوم إلى جميع من اعتقد أن معركة طوفان الأقصى إنما هي مناورة محدودة غير محسوبة النتائج، وهذه الرسالة تقول: أن المقاومة مستمرة وعلى كافة الجبهات، وتتحمل مسؤولية فعلها، مستعينة بالله أولا، وبمساندة كل من يقف معها إن بالسلاح كما في لبنان والعراق واليمن أو بوسائل الدعم الأخرى في جميع انحاء العالم..

وطرح مثل هذا إنما يحمِل في واقع الأمر عنوانا واحدا: لا بديل عن إنهاء الاحتلال والتحرير..

مقالات ذات صلة