إيثار في غير محلّه!
هناك عندنا في الجزائر من يتخوّف على حال السياحة في تونس بعد الثورة، ويبدي قلقا وحرصا على تراجع عائداتها وفساد صحتها، بل ويساهم في الترويج لها، رغم أن حال القطاع ببلادنا لا يسرّ عدوا ولا حبيبا، ونحن أسوأ خلق الله في الترويج لسياحة بلدنا، ما قبل الثورة وما بعدها، هذا إن صدقنا النظام طبعا، أن ثورتنا كانت عام 88 !
-
ليس عيبا دعم السياحة في تونس، بل ذلك أقل واجب يمكن تقديمه لجيراننا، بعدما ساهموا في إيقاظ الكرامة والكبرياء، في نفوس العرب، واستنفروا الجثث الهامدة، والإرادات الخامدة، بعدما اعتقدنا جازمين، أن الله جعلنا خير أمة أخرجت للناس، بصفة الماضي، وليس الجيل الميّت الحالي، قبل استيقاظه مع استشهاد التونسي محمد البوعزيزي!
-
وليس عيبا أيضا، أن نمنح المجال واسعا للإخوة التوانسة من أجل العمل على جلب السيّاح الجزائريين، حتى يساهم هؤلاء في بناء بلدهم، في ظل الثورة المضادة التي تقوم بها مافيا النظام السابق، والتي تعمل ليل نهار، من أجل رمي تونس في جهنم الحمراء، حتى تكون عبرة لمن يعتبر، أو لمن تخيل له نفسه القيام بثورة ضد حاكمه مهما بلغ استبداده، على غرار ما يرتكبه القذافي من جرائم حاليا، بهدف إنقاذ بقية الحكام العرب!
-
لكن العيب هو مساعدة الآخرين في الوقت الذي تعاني فيه السياحة الجزائرية من أمراض عدة، أهمها، عزوف الأجانب عنها، وتهرب المواطنين منها، وغياب البرامج والسياسات والأنشطة التي تدعم هذا القطاع الاستراتيجي الهام، وكأننا بصدد إيثار ليس في محله! أليس حريّ بنا، دعم سياحتنا مثلا، بعد عمليات الاختطاف التي تعرض لها عدد من الأجانب، وهوّلها الإعلام الغربي، لا بل إننا ساهمنا في ترويج فكرة خطورة الصحراء، وغياب الأمن، وكأن البلد لا يعنينا، أو الصحراء ليست ملكا لنا؟ ألم يتحوّل الجزائريون إلى زبائن دائمين لدى جيراننا في تونس والمغرب، وحتى في تركيا وماليزيا، في الوقت الذي غابت فيه حتى أنشطة السياحة الداخلية بالنسبة لتلاميذ المدارس، وطلبة الجامعات، وأعضاء المنظمات الجماهيرية؟!
-
حرب السياحة في تونس ما بعد سقوط النظام السابق، مثلت بالنسبة لأشقائنا جزء من معركة الصمود والبناء بعد الهدم، في الوقت الذي خسرنا فيه نحن جميع معاركنا بحجة انصراف اهتمام الدولة لمكافحة الإرهاب، واستعادة الأمن، لكن عودة هذا الأخير بشكل ملحوظ، فضح السلطة، فلا عمل، ولا كرامة، ولا استثمار، ولا سياحة! .