-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اجعله مختلفا.. لله ثمّ لإخوانك

سلطان بركاني
  • 481
  • 0
اجعله مختلفا.. لله ثمّ لإخوانك

من أهمّ الأهداف التي ينبغي لكلّ صائم أن يجعلها نصب عينيه: الانتقال بنفسه من مُطالعٍ لأخبار الآلام والنكبات التي يعيشها إخوانه المسلمون، إلى مسلم يشعر بجراح إخوانه ويتألّم بها، ويعبّر عن ألمه، بكلّ وسيلة، ويبذل أقصى ما يستطيع تقديمه لتخفيف شيء من معاناتهم.. هذا مطلب واجب في كلّ وقت وفي كلّ شهر لقول الله تعالى: ((وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض))، وللأثر المشهور: “من لم يهتمّ بأمر المسلمين فليس منهم”.. وهو أوجب وآكد في رمضان الذي يتذكّر فيه المسلم الجوع المستمرّ الذي يكابده إخوانه المحاصرون.

الصور والمقاطع المرئية التي نقلتها آلات التصوير خلال هذه الأيام الأولى من رمضان لما يعانيه إخواننا في غزّة، ، ينبغي لها أن تحرّك القلوب والأرواح وتسيل المدامع، لتلك المأساة التي يتقلّب فيها من تجمعنا بهم رابطة “لا إله إلا الله”. الجوع لا يزال يسيل مدامع الأطفال، بل ويقبض أرواحهم، والتشريد قد زادت وطأته مع هطول الأمطار، والأشلاء لا تزال تنتشل من تحت البيوت التي يحوّلها الصهاينة إلى ركام.. مأساة حقيقية لا تكشفها طلعات استعراضية لإنزال بعض المساعدات من الجوّ، ولا بيانات باردة تصدر من هذه الجهة أو تلك، ما دامت بوصلة كثير من المسلمين ستتوجّه خلال هذه الأيام من رمضان إلى ما تنقله بعض القنوات من فتات يزيد القلوب قسوة، ويصدّها عن معايشة بلاء غزّة! وما دام كثير من عباد الله المؤمنين قد استنسخوا برامجهم التي اعتادوا العمل بها في أعوام ماضية، من دون أيّ تعديل يفرضه الواجب الشّرعيّ، كما يفرضه الواجب الأخويّ والإنسانيّ، تجاه إخوة العقيدة والدّين.

لا تزال أسواقنا مزدحمة مساء كلّ رمضان، ولا نزال نحمل إلى مطابخ بيوتنا ما تعجز الأيدي عن حمله، ولا نزال نتوسّع في الملاذّ وما تشتهيه الأعين وتعجز عن استيعابه البطون! ولا نزال نصلّي التراويح على عجل ونفوسنا متلهفة إلى جلسات المقاهي والأسواق بعدها! في الوقت الذي نسي فيه إخواننا شيئا اسمه “الأسواق” أو “المقاهي”، وحتى المساجد أغلبها سُوي بالأرض، ومع ذلك لم يترك إخواننا هناك شعيرة التراويح، بل أحيوها في جوار أنقاض المساجد، ليبعثوا برسالة دامعة إلى إخوانهم تقول: “إذا كنتم تجدون مساجد دافئة تصلّون في رحابها، فحافظوا على هذه الشعيرة، ولا تنسونا من خالص دعواتكم فيها”.

في أيام وليالي رمضان هذا العام، ينبغي لكلّ مسلم أن يحصي إخوانه في أرض البلاء: في غزّة وفلسطين، في اليمن وسوريا، في السّودان وتركستان والصّومال، في الهند وكشمير، من دون أن ينسى إخوانه الذين اضطروا للعيش في الغرب… يتذكّر كلّ هؤلاء، ليخصّهم بالدّعاء، ولينظر ما يمكنه تقديمه من عون، وينظر ما الذي يمكنه التنازل عنه في رمضان لأجل إخوانه؟ هل سيتنازل عن سهرات المقاهي؟ هل سيتنازل عن الأطعمة الزّائدة والحلويات المتنوّعة؟ ليس يليق أن يأكل إخواننا في غزّة علف الحيوانات، ونحن نضع على موائدنا أنواع وأشكال وألوان الأطعمة، بما يصل إلى الإسراف والتبذير.. فكّر أخي المؤمن وأنت تنزل كلّ يوم إلى السوق لاقتناء حاجيات رمضان أنّ ما سترميه في حاويات القمامة من الغد هو حلمٌ لإخوانك في غزّة.. إخوانك لا يجدون في القمامة إلا جثث القطط والكلاب، ولا يجدون أيّ طعام، ففكّر وقدّر واتخذ قرارك في أن يكون سلوكك في رمضان هذا العام مختلفا، لله أولا، ثمّ لأجل إخوانك.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!