الرأي

الأزمة السورية.. بداية النهاية

حسين لقرع
  • 3080
  • 7

باستعادة جلّ أراضي الجنوب، وبداية عودة اللاجئين من الخارج إلى بلدهم، تكون الأزمة السورية قد بدأت تصل إلى نهايتها بعد قرابة ثماني سنوات من الاقتتال الأعمى والتدمير والتخريب، ما يفتح المجالَ واسعا للحل السياسي، والبداية ستكون مع أكراد سوريا الذين أرسلوا منذ أيام وفدا إلى دمشق للتفاوض على تجنّب القتال وعودة المناطق الكردية إلى حضن الوطن مقابل حكم ذاتي للأكراد.
وإذا حدث هذا، فسيستعيد النظامُ عمليا السيطرة على نحو 90 بالمائة من الأراضي السورية، وهو الذي لم يكن يسيطر سوى على 16 بالمائة منها فقط قبل التدخل الروسي في 30 سبتمبر 2015، ولن تبقى خارج سيطرته سوى محافظة إدلب وجيوب صغيرة بالبادية.
ويُنتظر أن تقع آخر معركة في إدلب إذا فشلت كل الجهود السياسية في إقناع المسلحين بالانضمام إلى “المصالحات” القائمة على وضع السلاح مقابل العفو أو القتال إلى جانب الجيش السوري ضد “داعش” و”النصرة”، ويبدو أن تركيا ستتكفل بهذا الملف من خلال “الجبهة الوطنية للتحرير” التي “أنشِئت” منذ أيام من مختلف الفصائل بإدلب لاستعادتها من “النصرة” والقضاء عليها، لكن العديد من الفصائل قد ترفض الاستسلام للجيش السوري وحلفائه وتقرّر القتال حتى النهاية، لاسيما أن إدلب تعجّ بعشرات الآلاف من المقاتلين الذين رفضوا من قبل تسوية وضعيتهم في مناطق أخرى فهُجِّروا بـ”الحافلات الخضراء” إلى هذه المحافظة.
وفي هذه الحالة، يُنتظر أن تقع معركة شرسة بإدلب قد تدوم شهورا عديدة وتتسبَّب في خسائر كبيرة للطرفين، لكن المقاتلين سيخسرون المعركة في النهاية كما هُزموا في معارك حلب والغوطة الشرقية والجنوب السوري، ولن يكون بإمكانهم الصمود أمام الطيران الروسي والجيش السوري وحلفائه على الأرض، لاسيما أن الدعم الإقليمي والدولي قد انقطع عنهم تماما وتركهم جميع الداعمين لمصيرهم.
المعطياتُ الميدانية تؤكّد أن النظام السوري قد كسب الحرب بفضل الدعم الفعَّال الذي تلقاه من حلفائه، ومن ثم فإن أي حلّ سياسي سيكون في صالحه كليا، ولن يكون بمقدور المعارضة أن تفرض عليه شيئا.
وفي كل الأحوال، فإن ملايين السوريين النازحين بالداخل واللاجئين إلى دول الجوار، يتحرّقون شوقا إلى أن تضع الحربُ أوزارها وتبدأ عملية الإعمار، حتى يعودوا إلى بلدهم وبيوتهم، ويستأنفوا حياتهم الطبيعية ويضمّدوا جراحهم بعد 7 سنواتٍ حالكات قضوها في مخيمات اللاجئين بالخارج، لقد آن لهذه الحرب المجنونة أن تنتهي بعد أن جلبت للبلد خرابا هائلا لم تشهده أيُّ دولة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؛ الكثيرُ من المدن والبلدات أضحت خرابا وأطلالا، ويكفي فقط أن نعرف أن 90 بالمائة على الأقل من مباني مدينة الرِّقة قد هُدّمت، وربما يتعيّن هدمُ هذه المدينة المنكوبة كليا وإعادة بنائها من جديد، والأمر نفسه ينطبق على حلب ومدن أخرى…
في سنة 2017، قدّر البنك الدولي كلفة الحرب السورية بـ226 مليار دولار؛ أي ما يوازي أربعة أضعاف الناتج الإجمالي الخام للبلاد قبل 2011، في حين قدّر خبراءٌ أن سوريا قد تحتاج إلى نحو 20 عاما كاملا من إعادة الإعمار حتى تعود فقط إلى ما كانت عليه قبل بداية الأزمة في مارس 2011! كان الله في عون الشعب السوري على مصائبه ومآسيه.

مقالات ذات صلة