-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الإدخال بالقوة إلى الديمقراطية

الإدخال بالقوة إلى الديمقراطية

حديث الغرب عن الحرية وحديث المسلمين عن الحرية لا يحمل نفس المعنى. وحديثهما عن الدين والتطرف والظلم والعدل…لا يحمل نفس المعنى. وقس على ذلك باقي المصطلحات والقيم التي تُصاغ من خلالها الأفكار والسياسات والرؤى.. بل إن الاختلاف وارد حتى داخل المنظومة الفكرية الواحدة، الفراكوفون والأنجلوساكسون والألمان لا يعطون نفس المعنى لنفس القيم…

 وإذا انتقلنا إلى أقصى الشرق نجد قاعدة فكرية أخرى مختلفة تماما تضبط المفاهيم.

يعطي الفرنسيون معنى للائكية، ويحددون لها ركائز، ويتحدثون عن حرية ضميرLiberté de conscience ، الأمر الذي لا يفهمه الأمريكان ويفضلون استخدام عبارة حرية التدين. أما اليابانيون فلا توجد في قاموسهم كلمة مرادفة للائكية، نفس الشيء في اللغة العربية، لا يحمل مصطلح العلمانية المرادف للائكية المعنى الصحيح لهذه الأخيرة بل يحمل إيحاءات أخرى ذات صلة بالعلم، ولا علاقة لها بفصل الدين عن الدولة.

والأمر ذاته بالنسبة لمصطلحي الأصولية، والإنتقريزم (Fondamentalisme et integrisme) حيث يأخذان نفس الترجمة في اللغتين العربية والإنجليزية بكلمةأصوليةعن كليهما، في تناقض تام مع المعاني الإيجابية للأصولية عند المسلمين التي من بينها عودة إلى الأصل وهي فضيلة، ومع علم أصول الدين القائم بذاته كعلم أساسي في ثقافة المسلمين. كما أن مصطلحانتقريزملا يقابله في اللغة العربية أي مصطلح، لأنالإنتقريزمهو نتاج المسيحية واليهودية ولا علاقة للمسلمين به مثل اللائكية بالنسبة لليابانيين..

وإذا عدنا إلى الحرية القيمة التي كانت ومازالت موضوع جدل بين المدارس الفكرية المختلفة، وللمسلمين باع طويل في تحليلها، فالغربيون والفرنسيون بالتحديد اليوم يسعون إلى فرض معنى لها ضمن الإطار الفكري للحضارة الغربية الإغروقوـ مسيحية فقط، ضاربين عرض الحائط بكل تعدد في الفهم ضمن الأطر الحضارية الأخرى وبخاصة الإطار الفكري للحضارة الإسلامية التي لا تفهم الحرية ضمن منظومة قيم متكاملة غير مفصولة عن المسؤولية والتوحيد والحق، الثقافة التي لم يعرفها الغرب إلا في القرنين الآخرين متأثرا أساسا بحضارة المسلمين في قرطبة وصقلية.

 

وعليه فإننا اليوم إذا كنا في جدال سياسي، بيننا والغرب حول مفاهيم الديمقراطية واللائكية والحرية وحقوق الإنسان، فذلك مرده إلى أننا لم نحسم معنى المصطلحات التي نستخدم، وهناك سعي ملح لدى الغربيين بشكل عام لفرض المحتوى الذي يريدون للمصطلح الذي يختارون من خلال سياسة الإدخال بالقوة إلى الديمقراطية، ورفض أو تشويه كل مساهمات عميقة من قبلنا لتوضيح مثل هذه المسائل على الصعيدين الفكري والإعلامي، ولعلها هي جبهة الصراع الفكري التي ينبغي أن ننتبه لها، وتلك مساحة الأمل

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
7
  • عمار

    شكرا دكتور على هذا التحليل القيم ... لقد و ضعتم يدكم على داء كبير جدا اصاب الامة و الادهى و الامر انه اصاب مثقفيها , الذين اصبحوا حبيسي مصطلحات غربية اقرفونا بمناقشاتهم العقيمة فيها من خلال الفضائيات و كأنها مسلمات لا احد يستطيع دحضها او رفضها معلبة كما هي ... نفس الشيء اصاب ما يسمون انفسهم علماء الذين يريدون منا ان نأخذ كلامهم كما هو دون نقاش و هم يأخذون من كتب القرن الثاني هجري , اين امثالكم يا استاذ لكي ينقضونا من هذا الدمار الفكري الذي اصابنا ؟ و الذي تحول الى دمار حقيقي اصاب الامة.

  • نادين

    سلام وشكر للدكتور سليم قلالة على التحليل الراقي وأيضا للأخ عبد القادر من الجزائر العميقة على تعليقاتك القيمة
    يقول مالك بن نبي " فهم أنفسنا وتنقية أفكارنا من الأفكار الميتة والمميتة وامتلاك أفكار للحياة حية مفيدة ثم معرفة الآخر الذي ربط مصير تقدمه بتخريب محاولاتنا للنهضة "
    وهذا مانعيشه في الواقع سلوكات غير سوية وأفكار بعيدة عن تعاليم ديننا الحنيف وثقافتنا محدودة وعدم استفادتنا من الماضي والتاريخ ولغتنا مشوشة غير منظبطة....الخ

  • حسين الابراهيمي

    سلامي الاسلام و اضح كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم فيهما كل ما يحتاجه البشر و ليس المسلمين فقط و هي من تدبير لطيف خبير فلماذا نناقش معهم افكار من وحي و فكر البشر نحن نتقبل النقاش خارج هذا لانها مدحوضة مسبقا في الاسلام و اخيرا لهم دينهم و لنا ديننا المسلم خلق حرا و هو جنين لا يحتاج ان يحرره منظري الغرب

  • عبدالقادر

    4/هل لنا ان نامل ونحن في ظل من يتبنون الاسلام لهم وحدهم ويتقاتلون كالقاعدة والنصرةوداعش والحوثيين وحزب الله والاخوان..فهم لم يتوصولن الى كلمةسواء بينهم كمسلمين ويريدون ان يتوصلون اليها مع الامريكان والبريطانيين والفرنسيس وغيرهم من تابعي الكنائس والكنيس في اطار حوار الحضارات.الامل يكون لما نطهر انفسنا وننزع مافيها ادران كما امرناالله ونعتصم بحبل الله جميعاحتى نتمكن من تغيير مالحق من ذل وهوان وتشرذم.ففي هذه الاحوال لن يحترمنا انسان ولايثق فينااحدا ولن ياتمننا احدمادمنا لانثق في بعضناالبعض كمسلمين

  • عبدالقادر

    3/للدجل والشعوذة من قبل من لا علم لهم في الفلسفة واللغة والفقه و اصول الدين وتوحيد مفهوم الاسلام لدى المسلم وغير المسلم ولا مجال للطائفية ولا للمذهبية اي بصورة بسيطة و واضحة لنبحث عن كلمة سواء و نتجادل بالتي هي احسن ونبعد ما نراه من حروب وماساة و ويلات بين المسلمين.فلنحدد حدود حريتنا كمسلمين في اطار تعاليم ديننا الحنيف الواحد كما كان في عهد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وبعد ذلك نتجه لغيرنا من اهل الكتاب وغيرهم لنتحاور معهم في اطار حريتنا الواحدة ومفهوم ديننا الواحد اما غير ذلك فلا امل يرجى.

  • عبدالقادر

    2/ من اجل ذلك حتى اصبحوا يوالون اعداء الامة ليستقوون على بعضهم البعض و خير مثال على ذلك الشيعة و السنة ولا ادخل في الصراع الداخلي البيني في الطائفة الواحدة. الحق يقال و يجب ان لا نبقى في الظلام الاسلام دين واحد وليس اسلامات متعددة وفق هواء المفكرون و العلماء ...الاسلام اساسه قول الله تعالى :" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ...".من هنا ننطلق وبصدق ولا مجال...

  • عبدالقادر

    1/ هذا النقاش الفكري هو الذي يبين لنا الطريق الصحيح لاتخاذه من اجل الوصول الى الامل المنشود. ما يقوله الدكتور هو عين العقل و يجب على كل مثقف من اي مشرب فكري هو شارب او من مذهب الايديولوجي هو مستفيد او من فكر سياسي هو متبع حتى نتفادى الصدام بينا قبل ان نواجه غيرنا من غير العرب و المسلمين عربهم و عجمهم والذين يمثلون امة الاسلام.لان الصراع المحتدم بين المسلمين بمختلف طوائفهم و مذاهبهم و فئاتهم و احزابهم ينفون بعضه البعض و يمنعون حرية بعضهم البعض في طرق التقرب لله و يكفرون بعضهم البعض و يتناحرون ...