-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مدارس التنمية البشرية اليوم:

 التنويم من أجل كسب المال

صالح عزوز
  • 1883
  • 2
 التنويم من أجل كسب المال
ح.م

كانت مدارس التنمية البشرية والتحفيز تعد على الأصابع، غير أنها في الآونة الأخيرة انتشرت مثل انتشار الفطريات في الحقول، حيث بقيت إلى زمن قريب تقتصر على دكاترة معروفين في العالم العربي، ولهم تأثير واضح على سلوكات الأفراد، وهذا بالتجربة، بالنظر إلى ما يقدمونه في هذا الحقل من كتب ودراسات علمية، وإتقانهم للعديد من اللغات وتحصلهم على الكثير من الشهادات العالية التي تعكس اجتهادهم في هذا المجال، لذا لا يدعون مجالا للشك في قدراتهم العلمية في تقديم الأجود في حقل التنمية البشرية.

لعل الوتر الحساس الذي يضرب عليه صناع الأمل في هذه المدارس هو النجاح، حيث يتوغلون في نفوس الكثير ممن أصابهم الفشل في هذا العالم، كمن ينقب عن نقطة ضعف الإنسان ثم يحولها إلى محور دراسة، حتى إن الشخص الذي يجلس إليهم ينبهر بهذه القدرة في تحويل قدراتهم الكامنة من طاقة سلبية إلى أخرى إيجابية تتجاوب مع العالم الخارجي، ويحس الفرد بعد هذه الدروس في الدعم النفسي بأنه تأخر كثيرا في صنع نفسه، لذا يخرج إلى العالم، كمن ولد من جديد بطاقات هائلة، نزع من خلالها النظرة السوداوية إلى هذا الكون، وتجمل بالأمل والطموح الذي يعلو سقفه الذي يلامس السحاب.. وهو الشيء الإيجابي في من يقدمون هذه الدروس في التنمية وصنع النفس والبحث عن النجاح، انطلاقا من القوة الكامنة التي يحملها كل واحد منا، لكنه لم يستطع استغلالها بالشكل الصحيح.

نحن لا ننكر ما تقدمه هذه المدارس من طاقات إيجابية في صنع النجاح، وقتل اليأس الذي يتخبط فيه الكثير من الناس في العالم، لكن ما ننكره عليهم، أن الكثير منهم لا يملك شهادات عالية تمكنه من الـتأطير الجيد للأفراد، ما عدا شهادة التنمية البشرية فقط، لكنه يستغل الكثير من الوقت في النبش في هذه الكتب التي تحاكي النجاح، ويستغل فشل الكثير من الأفراد ويحوله إلى طاقة إيجابية ينال بها التقدير والاحترام، وكذا جمع المال خاصة، لأنها تحولت إلى مدارس مادية أكثر منها علمية مقارنة بما تقدمه للأفراد.

التنويم الذي يجلب المال

يراقص بعض هؤلاء المدرسين في التنمية البشرية نفسية الأفراد المحبطة، ويذكرونهم بأنهم قادرون على صنع المستحيل، ويحملون مفاتيح النجاح بين أيديهم، فقط يجب عليهم اختيار المفتاح الجيد لفتح أبواب النجاح على مصراعيه. وهي من الأشياء التي يمكن للفرد أن يعرفها دون الذهاب إلى هذه المدارس، لكن بعض الأفراد ومن كثرة إحباطهم ونظرتهم السلبية إلى الحياة، يحتاجون إلى من يذكرهم بهذا فقط. لذا، فإن هذا العالم قائم على ترويض نفسية الأفراد فقط، وإخراجهما من نفق مظلم إلى آخر مضيء، انطلاقا من اللعب على وتر النجاح وتسقيف الأحلام لا غير.

تحولت هذه المدارس في السنوات الأخيرة من مدارس علمية إلى أخرى للكسب، وهذا بشهادة حتى من بعض المديرين لهذه المدارس، فقد أصبح ما يهمهم هو تدوير أكثر عدد ممكن من الأفراد في دورات سريعة بأثمان باهظة، يحاكون من خلالها فشل الأفراد وترويضه وإخراجه من داخلهم، كمن ينزع عنك لباسا أسود ويلبسك آخر أبيض وهاجا، يحس من خلاله الفرد أنه ولد من جديد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • Almanzor

    هي ليست مدارس للتنمية و لكن لتحطيم الأفراد. يوهمونك أنك تملك طاقة لامتناهية، وأن بداخلك مارد ينتظر منك أن تعطي الإشارة ليتوثب. ولكن و مع الأسف، ما إن تواجه الواقع، و تصادفك أول عقبة و تكتشف أنك في الحقيقة شخص عادي مثل كل الناس،يزيد احباطك و احساسك انك فاشل حقّا.
    أهدافنا و أفكارنا تنبع من أعماقنا، ولسنا بحاجة إلى مدرب ليمليها علينا فنحن أدرى بخبايا أنفسنا

  • خليفة

    انها مدارس التجارة بالنفوس المهزومة و المهزوزة،فلو عاد ذوي هذه النفوس الى رحاب الدين و اخلصوا التعلق بالله و اخلصوا ايمانهم بالله و توكلوا عليه و نفضوا عنهم الانطواء و التشاءوم ،و عقدوا العزم على الخروج من تلك المعوقات النفسبة ،هل كانوا يحتاجون الى مثل هاءولاءي التجار ،انا ارى ان المومن القوي المتوكل على الله ليس في حاجة الى طبيب نفسي او مختص تنمية بشرية ،فضعف الايمان و فقدان الثقة بالنفس ،هي التي تجعل الشخص يلجا الى اي كان لعله يجد العلاج عنده ،فعلا إن مصاءب قوم عند قوم فواءد ،اللهم ردنا اليك ردا جميلا و لا تحوجنا الى احد سواك.