-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أصبحت مفضلة ومطلوبة لدى السيّاح في رحلات السفاري بأولاد جلال

“الجيب” تتحوّل من رمز للقمع الاستعماري إلى وسيلة للسياحة الصحراوية

“الجيب” تتحوّل من رمز للقمع الاستعماري إلى وسيلة للسياحة الصحراوية

أسعارها تتراوح مابين 200 و250 مليون

استطاعت مجموعة من الشبان المهيكلين في جمعيات سياحية محلية بولاية أولاد جلال في السنوات الأخيرة من تحويل سيارات الجيب العسكرية ذات الدفع الرباعي من رمز للتعذيب والترهيب والقمع الاستعماري في زمن الاحتلال الفرنسي الى وسيلة ناجعة ومطلوبة لتطوير وتفعيل السياحة الصحراوية أو ما يعرف بـ “سفاري الصحراء” على مستوى ولاية أولاد جلال.

وتحصي هذه الولاية الفتية حاليا ما يفوق 200 سيارة “جيب” تم تحديثها وصيانتها من قبل أصحابها وأغلبهم من الشباب لتصبح منافسة للسيارات الحديثة من حيث سعرها الذي يتراوح حاليا بين 200 إلى 250 مليون سنتيم بحسب هيئتها وهي اليوم مطلوبة بكثرة ومفضلة بإلحاح لدى جميع الوفود السياحية التي تفضل عادة هذا النوع من السيارات المفتوحة والمريحة والمناسبة جدا لقضاء العطل الطويلة وعطل نهاية الأسبوع في صحراء أولاد جلال المعروفة بتضاريسها المتنوعة وحيواناتها وطيورها النادرة.

ومن خلال حضور ومشاركة الشروق اليومي في قافلة من سيارات الجيب في رحلة سفاري قصيرة بمناسبة اليوم الوطني للسياحة المحتفى به في 25 جوان الجاري، تم الوقوف على الجهود التي بذلت من طرف عدد من أبناء ولاية أولاد جلال لاستغلال سيارات “الجيب” لتطوير السياحة الصحراوية في المنطقة، حيث أكد لنا السيد الطبني يزيد رئيس جمعية سياحية محلية أن فكرة استغلال هذا النوع من السيارات أملتها خصوصية المنطقة من حيث المناخ والتضاريس أيضا. فشساعة المساحة بصحراء اولاد جلال وتنوع التضاريس بين أودية وشعاب وجبال وأراض صخرية وأخرى رملية تطلب استغلال سيارات “الجيب” لأنها الأنسب لخصوصية المنطقة من حيث القدرة على المقاومة والتحمل يضاف إلى ذلك الشكل المناسب لهذه المركبة المفتوحة من حيث السطح، إذ تتيح لراكبيها من وفود سياحية التهوية الطبيعية والقدرة على رؤية المناظر والطرق بشكل أفضل بكثير من السيارات المغلقة العادية.

ومن هذه المعطيات والمميزات أصبحت سيارة الجيب هي المفضلة والمستعملة في الرحلات السياحية المتعلقة بسفاري الصحراء بأولاد جلال، لتبدأ بعدها رحلة البحث عن هذه السيارات وامتلاكها ليصبح عددها اليوم يفوق 200 سيارة تستغل جميعها في الخرجات السياحية التي تمتد على مدار 10 أشهر تقريبا في السنة.

صيانتها مكلفة جدا

أجمعت آراء مالكي سيارات “الجيب” بأولاد جلال أن الصعوبة الأكبر التي أصبحت تواجه هؤلاء في السنوات الأخيرة هي عمليات الصيانة وإصلاح الأعطاب في ظل ندرة قطع الغيار وغلاء ثمنها لدرجة أن تجديد سيارة واحدة قد يتطلب إنفاق عشرات الملايين دوريا حتى تبقى هذه السيارة قابلة للاستغلال اليومي وبلا أعطاب.

وبحسب السيدين روينة وصولي وهما من بين أقدم مالكي سيارات “الجيب” بأولاد جلال والمتخصصين أيضا في ميكانيك هذا النوع من السيارات، فإن أول خطوة كان يقوم بها هؤلاء في سنوات سابقة هي تتبع أخبار أسواق البيع بالمزاد العلني بحثا عن سيارات “الجيب” المعروضة للبيع حتى وإن كانت مجرد هيكل معطل ليتم التنقل لاقتناء هذه “الجيب” مهما كان سعرها الذي قد يتراوح بين 50 إلى 70 مليون سنتيم لتبدأ بعد ذلك مرحلة الصيانة والإصلاح والتي قد تستغرق شهورا طويلة بسبب ندرة قطع الغيار أحيانا أو بسبب حالة “الجيب” التي تم شراؤها وبعد جهود مضنية وإتقان مميز يتم إعادة “الجيب” إلى هيئتها الجديدة وكأنها قد خرجت من مصنع حديث.

وبقدر الخسارة التي ينفقها صاحبها يكون ثمن “الجيب” بعد عملية الإصلاح والصيانة حيث أصبح سعرها اليوم يتجاوز 160 إلى 250 مليون سنتيم بسبب ازدياد الطلب عليها وندرتها أيضا في أسواق السيارات، كما أن استيراد هذا النوع من السيارات صعب للغاية ومكلف، ولأن لهذه المركبة متعتها وخصوصيتها فإن الكثيرين خصوصا هواة الصيد في الصحراء وهواة السفاري، يجتهدون لامتلاكها وبأي ثمن لتصبح بذلك زينة وقيمة مضافة لصاحبها، فهي عنده حسب أحد مالكيها أفضل من أحدث السيارات الرباعية الفاخرة لدرجة أنه قد يمتنع عن تبديلها أو بيعها ولو أعطي أموالا طائلة على حد وصف أحدهم .

الجهود للحفاظ على سيارات “الجيب” ستتواصل والدعم مطلوب

خلال رحلتنا القصيرة على متن سيارة “الجيب” بصحراء أولاد جلال، حرص جميع الشبان من مالكي هذا النوع من السيارات على أن جهودهم ستتواصل للحفاظ على هذه السيارات لأنها أصبحت مصدر رزقهم ووسيلة من الوسائل المعتمدة لتطوير السياحة الصحراوية، فبدون هذه السيارات لن تنجح الساحة الصحراوية في المنطقة بدليل أن عدد الوفود بات يتضاعف بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة وكل انطباعات السيّاح تؤكد الدور الذي تلعبه سيارات “الجيب” في توفير المتعة والسلامة لهؤلاء السياح الذين أصبحوا يشترطون سيارات “الجيب” أولا للمشاركة في رحلات السفاري بصحراء المنطقة لدرجة أن السياحة الصحراوية بأولاد جلال باتت مرتبطة بهذه المركبة، وهذا الأمر حسب مالكي “الجيب” يتطلب دعما من قبل الدولة سواء من خلال تسهيل عمليات استيراد هذا النوع من السيارات أو توفير قطع غيارها.

فهذه السيارة توفر حاليا مناصب عمل ولو موسمية وغير ثابتة لعشرات الشبان الذين أصبحت أسماؤهم وحياتهم كلها مرتبطة بسيارات “الجيب”، فهذه المركبة المميزة بجهود أبناء الاستقلال بأولاد جلال حُوّلت من ذكرى سيئة مرتبطة بالقمع والوحشية الاستعمارية التي عانى منها الآباء والأجداد إلى ثروة حقيقية في أيدي جيل الاستقلال، حيث طوّعوها واستثمروا فيها لتكون وسيلتهم لتطوير قطاع تولي له الدولة أهمية كبرى، ألا وهو السياحة وبخاصة السياحة الصحراوية التي يعتبرها الكثيرون ثروة بديلة ليضيف لها أبناء أولاد جلال نكهة ومتعة خاصة بفضل سيارات “الجيب” .

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!