-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الحكومة.. برنامج ورجال

الحكومة.. برنامج ورجال
ح.م

من الطبيعي أن تتباين ردود الفعل السياسية والاجتماعية تجاه الفريق الوزاري الجديد، وما رافق إعلانها من تعليقات سلبية وأحيانا متفائلة، يعدُّ مؤشرا إيجابيا على عودة المواطن إلى الانخراط في الفعل السياسي بعد حراك 22 فبراير، ودليلا على اهتمامه البالغ بإدارة الشأن العام بكل أبعادها، لإدراكه أن الخيارات المناسبة للرجال في مواقع المسؤولية هي البداية الصحيحة لتحقيق التطلعات المشروعة، وأيّ إخفاق أو سوء تقدير سيدفع ضريبته من حقوقه المادية والمعنوية.

لا شك أنّ تسمية بعض الشخصيات في حكومة عبد العزيز جرّاد قد أثارت الاستغراب وعلامات الاستفهام في دوافع التعيين والمبتغى من ورائه، كما تركت الهيكلة الموسعة للجهاز التنفيذي حيرة لدى آخرين.

ومن الضروري أن نتفق بداية أنّ شروط النجاح في الوظيفة الوزارية هي الجمع بين مؤهلات التكوين السياسي والمسار الإداري أساسًا، ومن البديهي أن يكون التخصص العلمي والمهني مساعدا في استيعاب القطاع، وليس العكس مثلما يتوهَّم البعض بشأن قيمة الشهادات العليا في المناصب الحكومية السامية.

ويجب الإقرار أنّ أمر الحكومة مهما كانت أسماؤها وهيكلتها ستثير مواقف منتقدة لدى البعض، لاعتبارات موضوعية وأخرى ذاتية خاصة، لكن العبرة في الحكم عليها هو بما يطغى من قراءة المختصِّين المستقلّين الأكفاء، وفق متطلبات المرحلة الملحّة ورهاناتها الوطنية في مختلف الاستحقاقات.

 لذلك، فإنّه وبعيدا عن حق إبداء الرأي في النقاش العام، وجب مبدئيا احترام خيارات رئيس الجمهورية المكفولة له دستوريّا وعرفيّا، من حيث تعيين الأفراد، سواء في أسمائهم أو أفكارهم أو مواقفهم أو توجهاتهم، شريطة أن تنسجم في عمومها مع التعهدات الانتخابية وتستجيب في النهاية إلى تجسيد تلك الالتزامات التي وصل بموجبها إلى سدة الحكم.

 وبالتالي، فإنّ هويّة الحكومة، حزبية أو مستقلة، تكنوقراطية أو سياسية، وكذلك تركيبتها الفردية من حيث المؤهلات أو المسارات وحتى الانتماءات الجغرافية تخضع لرؤية شاملة، يستهدفها الرئيس سياسيّا واجتماعيّا واقتصاديّا، ضمن آجال زمنية محددة، تغطي معالجة أولويات قصوى وتسوية ملفات يقدّرها هو، حسب خطة رئاسية للإصلاح والتغيير.

غير أنّ ذلك لا يعني إعفاء الرئيس من المساءلة الشعبية والمحاسبة السياسية لاحقا، بل على العكس تماما سيُلقي عليه عبئا ثقيلا في تحمل نتائج خياراته بكل تفاصيلها، باعتباره رأس السلطة التنفيذية، يحتل فيها موقع الآمر الناهي، وقد منحه الدستور كامل الصلاحيات.

إذا كنّا نشدد اليوم على تقدير قرارات رئيس الجمهورية كيفما اختلفنا معها، فلن يكون مقبولا مستقبلا التبرير، في حال الفشل لا قدّر الله، بضعف الحكومة أو عجز الفريق الوزاري عن تطبيق برنامج الرئيس، لأنّ حُسن اصطفاء الرّجال الصالحين لأداء المهمة يقع في صلب المشروع الرئاسي، بل إنّه العقدة المستعصية على الحلّ في كل المراحل، بسبب بروز ثقافة الولاء والمحسوبية والمحاباة والترضيات على حساب الكفاءة والأهلية اللازمة للنجاح.

لقد عانت الجزائر خلال عهد النظام السابق، عن طريق أبواق إعلامية وساسة مأجورين، من تنزيه رئيس ليس مسؤولا عن شيء، مقابل شيطنة مسؤولين تحت سلطته المطلقة، لإيهام الشعب أن الرجل قائدٌ ملهم ورجاله عاجزون عن مجاراته، لكن الحقيقة هي أنّهم من طينة واحدة، ومسؤولية التعثر مشتركة بينهم، بل إنه يتحملها كاملة أمام التاريخ.

وفي كل الأحوال، فإنّ انطلاقة الحكومة والتأسيس لعهد جديد مرهون بمدى استعداد الجميع، سلطة بكل مستوياتها، وطبقة سياسية بكل مكوناتها، وحراك بمختلف توجهاته، لتدشين تغيير إصلاحي فعلي، بعيدا عن دغدغة العواطف بالشعارات الرنانة، أو مخادعة الشعب لأجل التموقع الشخصي وكسب المغانم الخاصّة.

وهذا يعني أنّ نضج الوعي الجمعي سيكون الضمانة الوحيدة لمرافقة ومراقبة الأداء الرئاسي والحكومي، ولن يتحقق ذلك سوى عبر ترقية حراك الجماهير في الشارع إلى تنظيم ضمن الأطر النضالية المهيكلة، لتشكيل مجتمع مدني قويّ وبديل عن تركة التصحُّر السياسي، لأنّ تحويل التحفّز الشعبي نحو التغيير إلى حالة فعل ميداني دائم هي أهمُّ مكسبٍ مستدام للحراك على طريق الإصلاح.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
3
  • جزائري حر

    هه الرجال في الجزائر خلاصو تهلكت عليكم ياكلكم وأنتم أحياء ولن تجدوا من ينجدكم لأنكم الجزائريين الدين منعوكم من هتلر ومن كل الأوروبيون على مر الزمان

  • جزائري حر

    هه مازاللهم ما كرهوش من الشيتة

  • جزائري حر

    هه نتوما اللي يجي معاه