-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تراجع عن بعض مواقفه المغلوطة

السفير الفرنسي السابق يعترف بقصور نظرته تجاه الجزائر

محمد مسلم
  • 4758
  • 0
السفير الفرنسي السابق يعترف بقصور نظرته تجاه الجزائر
أرشيف
كسافيي دريانكور

لم يجد اليمين الفرنسي المتطرف من ورقة يلعبها لمحاولة التأثير على السياسة التي ينتهجها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تجاه الجزائر، سوى تحريك سفير باريس السابق في الجزائر على مرتين، كسافيي دريانكور، للخروج بتصريحات تثير الشكوك في هذا التقارب، خدمة لأجندات لا تنظر بعين الارتياح إلى التقارب بين الجزائر وباريس.
كل “الخرجات” الإعلامية التي دشنها الدبلوماسي الفرنسي المتقاعد، صاحب كتاب “اللغز الجزائري”، كانت عبر وسائل إعلامية محسوبة على اليمين، في مقدمتها صحيفة “لوفيغارو”، التي استعملها كمنبر في أكثر من مناسبة للإساءة إلى الجزائر، قبل أن يأتي الدور على وسيلة إعلامية أخرى محسوبة على اليمين المتطرف وهي “SUD RADIO” (إذاعة الجنوب)، وهو ما يجعل المواقف التي عبر عنها دريانكور، معروف خلفياتها وأهدافها مسبقا، بل غير مستغربة، بالنظر لمواقف اليمين واليمين المتطرف، اللذان لم يتجرعا إلى اليوم الهزيمة العسكرية والسياسية لفرنسا في الجزائر.
السفير الفرنسي السابق ومنذ أن بات مصدرا للتحليل في كل ما يتعلق بالجزائر لدى الإعلام اليميني، راجع بعض المواقف التي راكمها وعبّر عنها بخصوص “الفردوس” الضائع، فقبل أسابيع تحدث عن “انهيار الجزائر” كما قال في حوار خص به يومية “لوفيغارو”، لكنه اليوم عاد ليعتبر ذلك التصريح مبالغا فيه، مكذبا نفسه بنفسه.
السفير الفرنسي انطلق من حركة “البذلات الصفراء” في فرنسا، التي أحدثت زلزالا سياسيا وأمنيا في المشهد الفرنسي في عام 2019، وكادت أن تؤدي إلى إسقاط حكم الرئيس ماكرون، بسبب العنف الذي رافق تلك الأحداث من الشرطة ومن المتظاهرين، ليبرر تصريحه السابق بشأن زعمه بـ”انهيار الجزائر”.
غير أن دريانكور افتقد إلى الجرأة، بل إلى الشجاعة، ليرفع القبعة لشباب الجزائر في “الحراك الشعبي”، الذي لم يحرق ولو عجلة واحدة ولم تسل خلاله ولو قطرة دم واحدة أيضا إن في العاصمة أو في بقية المدن الجزائرية، طيلة ما يقارب السنة، في حين أن حركة “البذلات الصفراء”، تسببت في أضرار كبيرة للممتلكات الخاصة والعامة في المدن الفرنسية، كما أسالت دماء غزيرة وأضرت كثيرا بالاقتصاد الفرنسي، وهو المعطى الذي كان على الدبلوماسي أن يعتمد عليه في بناء تصور معقول بشأن الوضع في الجزائر.
انطلاق الدبلوماسي الفرنسي من زاوية يمينية في تحليل الوضع في الجزائر، أضعف من مصداقيته كخبير في الشؤون الجزائرية لدى المتابعين، عندما راح يتحدث عن رغبة الملايين من الجزائريين في الحصول على التأشيرة للانتقال إلى فرنسا، متجاهلا طبيعة العلاقات بين البلدين الموروثة من الحقبة الاستعمارية، والتي أفرزت استقرار الملايين من الجزائريين في فرنسا بصفة قانونية وشرعية، وهذا يتطلب وجود تنقل كبير للأشخاص بين البلدين بحكم العلاقات الاجتماعية المشتبكة بين الضفتين.
وكان الطرف الفرنسي قد أقر بهذا الواقع، من خلال توقيعه على اتفاقية 27 ديسمبر 1968، التي منحت للجزائريين امتيازات خاصة في فرنسا مقارنة بغيرهم من الدول التي وقعت تحت نير الاحتلال الفرنسي، بما فيها الشعوب المغاربية الأخرى، فيما تحاول اليوم التنصل منها، الأمر الذي يجعل الدبلوماسي في دائرة الاتهام بالنظر بعين واحدة لقضية شائكة أبعد بكثير من قدميه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!