الرأي

السياحة… بالباء..

عمار يزلي
  • 849
  • 2

الصالون الدولي للسياحة المنعقد بقصر المعارض هذه الأيام، جاء في وقت “مناصب” جدا جدا… مناسب للسياحة الشتوية.. أو لنقل “السباحة” الشتوية.
الأمطار التي غطت.. بعد أن عرت.. كثيرا من مظاهر الترقاع وإفساد ما أفسده الدهر أصلا تحت أغطية متعددة وتحت حتى شعار محاربة façade.. للفساد، هذه الأمطار خير “ذليل” و(مدام).. “ذليلة”.. على أن السياحة ما زالت عندنا حلما يراودنا وأن أحلامنا غالبا ما تجرفها السيول من كل نوع. الدليل (السياحي).. أن وزير السياحة هو المرشح الأول في كل تعديل أو تغيير حكومي. وعندنا نموذج لم يحدث أن حدث في التاريخ.. ولا في الجغرافيا.. وزير سياحة.. يدخل للنهر يسبح.. يجد نفسه بعد قليل في البر يسيح.. وزير يزاح في نفس اليوم.. الجمعة.. غير المباح.
السياحة، التي يعول عليها المسؤولون.. بالأقوال، لا تبدو الأفعال تساير الأقوال عندهم.. حتى إننا بتنا نعتقد أن الشعار المعتمد في هذا المجال.. وفي مجالات أخرى.. هو “لا تفعل ما أقول ولا تقل عما أفعل”… أي خلافا لخطاب وممارسات الرهبان.. وبما أنهم لا يفعلون شيئا غير الكلام.. فمعنى هذا لا تفعلوا لا ما أقول ولا ما أفعل.. وافعلوا ما شئتم..
كنا نقول دوما إن السياحة ثقافة.. والثقافة حضارة.. والحضارة تنشئة تاريخية والتنشئة التاريخية أن تكون أنت مالكا للشيء لا فاقدا له.. والمثل يقول: “فاقد الشيء، لا يعطيه”. نحن في حاجة إلى سنوات عمل كبير ودءوب وتفان في حب العمل والعمل للوطن فقط لا للبطن ولا للجيب ولا لشكاير الدوفيز المهرب إلى الخارج أو “المخزن في خنائز الأرض”..
مشكلتنا أيضا مع المال الوسخ، من أين لك هذا؟.. المستثمر الخاص، قد يكون ماله من كسب حلال… هذا إذا حصل، لكن البيئة موبوءة إداريا وسلوكا.. ولن يكون من السهولة أن تخرج منه سالما.. مسلما..
السياحة تربية وتعلم ومستوى عال من الممارسات وخبرة مزدوجة: شعبيا ومهنيا. من أصحاب المهنة إلى المستهلكين. لا نعرف حتى آداب الحديث ولياقة التعامل مع بعضنا.. فما بالك بأن نتعامل كمنتجين للفعل للسياحي.. عمالا، موظفين إداريين إطارات.. الزبون الذي صار مجرد “زبول”.
هذه كلها ليست فقط من مسؤولية الدولة، إنها مسألة مجتمع وتربية.. لكن الدولة لها القسط الأوفر من المسؤولية. أنت يا رئيس بلدية، لم لا تضع سلل مهملات نظيفة ومرتبة في كل مكان وتنظف الشارع كل يوم مرات.. المواطن المار لن يستطيع بسهولة أن يرمي وسخا في الشارع ولبوبيل نقية أمامه في كل مكان. السياحة تبدأ من نظافة المحيط.. والنظافة تبدأ بالتربية والتربية تبدؤها الأسرة.. والأسرة.. الدولة هي التي تهيئ لها وسائل التربية. الأب والأم لا يمكنهما تربية أبنائهما على عدم رمي الأوراق والقوارير والأوساخ في الشارع.. لأن الأبناء سيضحكون تحت ذقونهم.. إن يضحكوا عليك أون لاين.. مع هذا الجيل.. وهم يرون الأوساخ في كل متر.
السياحة من النظافة نعم.. والنظافة تربية يتبعها سلوك وممارسات.
صالون سياحة في عز الشتاء.. وكأننا نريد أن نقول إنه عندنا سياحة شتوية.. نعم عندنا كل المقومات من أجل النهوض بسياحة قوية في كل الفصول وفي كل جغرافيا الجزائر الكبيرة ولله الحمد.. لكن ليس بالادعاءات والأماني.. والكلام.. ولا بقرار سياسي.. بل بقرار اجتماعي.. أي من خلال توطيد الثقة أولا مع المواطن لتوصيل فكر حس المواطنة إليه.. لأنه مع الوضع الحالي، حتى إذا قلت لمواطن… أروح تتعشى عندي، وهو لا يثق بك.. يقول لك.. لا لا صحة.. راني شبعان. أو ينوي على أنك تدعوه لأقرب قنصلية…
إنها مسألة اتصال وتواصل وثقة بين الناس والناس وبين الإدارة والموطن وبين المستثمر والمستهلك.. وهذه حلقات للأسف تكاد تكون مفقودة.. أو على الأقل.. مختلة.. عقليا..
سلام.. لله ضرنا..

مقالات ذات صلة