الرأي

السِّجن لمن يحرق عَلم بني صهيون!

حسين لقرع
  • 2012
  • 6
ح.م

أصدرت محكمةٌ بحرينية السبت الماضي حكما بحبس مواطن بحريني 3 سنوات نافذة بتهمة “التجمهر والشغب والإخلال بالنظام العام” بعد أن شارك في مظاهرةٍ مؤيّدة للقضية الفلسطينية أقدم خلالها على حرق العلم الصهيوني!

هذا الحُكم المُخزي وغير المسبوق في العالم العربي، يذكّرنا بما حدث لطالبٍ جامعيٍّ مصري في العشرين من عمره زُجَّ به في الحبس الاحتياطي في نوفمبر الماضي، لأنه رفع العلمَ الفلسطيني على مدرّجات ملعب القاهرة خلال مباراة المنتخبين الأولمبيين المصري والجنوب الإفريقي المؤهّلة إلى أولمبياد طوكيو 2020، ما يعني أنّ مرحلة جديدة قد بدأت في دول التطبيع؛ إذ أضحت شعوبُها ممنوعة كليا من إبداء أيّ قدرٍ من التعاطف، وبأيّ شكلٍ من الأشكال، مع الفلسطينيين المستضعَفين الذين يتعرّضون للتنكيل والقمع يوميا على يد المحتلّ.. فالعصرُ ليس عصر دعم فلسطين ولا حتى التعاطف معها والتظاهر لأجلها وحمل أعلامها، بل هو عصر هرولةٍ وتطبيع وتحالف.. وعلى الشعوب أن تتكيّف مع هذه المرحلة وتكفّ عن التعاطف مع فلسطين ومعاداة الاحتلال، وكل من يفعل ذلك يتعرّض للاعتقال والسجن والتنكيل!

ومنذ أيام قليلة، قرّرت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في المغرب فصل إمام مسجد ابن حزم بوجدة من منصبه، لأنه ندّد في خطبة الجمعة بـ”صفقة القرن” وبخذلان الحكام العرب لفلسطين ومقدسات الفلسطينيين مع أنهم مطالَبون شرعا بحمايتها من خطر التهويد والضياع، وقد فصلته الوزارة، لأنه تجاوز ما هو مسموحٌ له في الخطب المسجدية الرتيبة كالاكتفاء بالحديث عن نواقض الوضوء وكيفية الغُسل وشتى المسائل الفقهية، ثمّ الدعاء لـ”أمير المؤمنين” بالسداد والتوفيق والقيام بعدها إلى الصلاة، وتحدّث عن “صفقة القرن” التي امتدحها وزيرُ الخارجية بوريطة مع ما فيها من شرْعَنةٍ للاحتلال وتهويد للقدس والمسجد الأقصى؟!

الواضح إذن أنّ أنظمة الخيانة والعار قد قرّرت نهائيا التخندق مع العدوّ ومساعدته في سعيه إلى تصفية القضية الفلسطينية، وكل من يقف في طريقها من مواطنيها أو يندّد بخيانتها، أو يُظهِر عداءه للاحتلال علناً، تقوم بقمعه بالسجن أو الفصل من العمل.. التعاطفُ مع فلسطين وحرق علم الكيان الصهيوني أضحى جريمة نكراء تعرِّض صاحبها للعقاب.. وقد يأتي يومٌ وتُقدِم فيه هذه الأنظمة على تكريم من يشيد بالاحتلال أو يرفع علمه أو يُحرق علم فلسطين!

إذا كان هناك أمرٌ يُشكَر عليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهو إنهاءُ عهد النفاق والمواربة والخداع وإسقاط الأقنعة عن الجميع ليظهروا على حقيقتهم البشعة؛ فلقد أظهر حقيقة أمريكا المنحازة كليا إلى الاحتلال الصهيوني وأنهى عهد اللعب على الحبلين، كما كشف تماما وجوه أنظمة الخيانة والعار وأجبرها على الجهر بتطبيعها مع الاحتلال بعد أن كانت تمارس ذلك سرا عقودا عديدة كانت خلالها لا تكفّ عن ذرف دموع التماسيح على فلسطين والادّعاء بأنها “قضيتُها المركزية الأولى”.. اليوم سقطت كل الأقنعة عن وجوهها القبيحة.. ألا شاهت وجوهُ الذلّة والمهانة.

مقالات ذات صلة