-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الشاي‮ ‬في‮ ‬الصحن،‮ ‬والكسكس‮ ‬في‮ ‬الكأس

الشاي‮ ‬في‮ ‬الصحن،‮ ‬والكسكس‮ ‬في‮ ‬الكأس

قرأت منذ بضعة أشهر في جريدة الخبر، وبالضبط في 28 / 4 / 2013، أن شخصا استغرب من تعيينه وزيرا لللصناعة مع أنه لا يفقه مثقال ذرة من شئونها، ومع ذلك فقد قبل ذلك المنصب، لأن المهم ليس أداء أمانته بقدر ما فيه من امتيازات مشروعة أو ممنوعة، دائمة غير مقطوعة.

ولكن الأمر الذي يدعو إلى العجب الأعجب هو أن “كبير القوم” قال في اجتماع مجلس الوزراء مخاطبا ذلك الوزير على مسمع من الجميع “سي… بلغني أنك لست مرتاحا في منصبك؛ لأنك لا تفهم شيئا في الصناعة، لكن لماذا القلق والكل مثلك لا يفقه شيئا؟”.. ولسنا ندري إن كان “كبير‮ ‬القوم‮” ‬معنيا‮ ‬بعدم‮ ‬الفقه‮ ‬أم‮ ‬أنه‮ ‬استثنى‮ ‬نفسه،‮ ‬وأنه‮ ‬الشاذ‮ ‬الذي‮ ‬يؤكد‮ ‬القاعدة‮..‬

 

إن المرء يستطيع أن يحصي عشرات الحالات التي وُضع فيها أناس في مسئوليات لا علاقة لاهتماماتهم ولا لدراساتهم (بالنسبة لمن لهم حظ من العلم) بها.. بل إن الأخ أحمد ابن بلة – غفر الله له- بالرغم من تكوينه المحدود كان يمارس عددا من المهام بلغت خمسا أو ستّا، وكاد يضيف‮ ‬إليه،‮ ‬وزارة‮ ‬الخارجية،‮ ‬لولا‮ ‬أن‮ ‬أصحابه‮ “‬تغدّاو‮ ‬به‮” ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬يتعشى‮ ‬بصاحبهم‮..‬

ومن وضع الشاي في “الطّبسي” والكسكس في الكأس أن شخصا عيّن مؤخرا أمينا عاما لوزارة هامة جدا من الناحية المعنوية عند الله – عز وجل- وعند الناس الشرفاء، وإن كانت “محڤورة” ماديا ومعنويا عند من نعرفهم بسيماهم ونعرفهم في لحن القول، بالرغم من أن هذا الشخص لا في عير هذه الوزارة ولا في نفيرها.. وقد سمعنا أن هذا الشخص كان أمينا عاما في وزارة أخرى، فلماذا ذهب صديقه من تلك الوزارة أبعده خليفته، وسمعنا أن هذا الشخص اقتُرح أمينا عاما في وزارة أخرى فاعتُرِض عليه، ففُرض على الوزارة الموجود فيها حاليا… وهذا يدل على “المكانة‮” ‬التي‮ ‬تحتلها‮ ‬هذه‮ ‬الوزارة‮ ‬عند‮ “‬القوم‮”.‬

قد يرى جماعة “نرمال” أن هذا التعيين “نورمال”، وهو في الحقيقة “أنورمال”، ويقولون إن الأمر أمر تسيير إداري، ولا علاقة للمنصب بمعرفة في ذلك القطاع؛ ونقول لمن يرى ذلك إنه مادام الأمر كذلك فإننا نقترح تعيين “إمام” وزيرا للصحة، أو أمينا عاما لوزارة الطاقة أو مديرا‮ ‬لشركة‮ ‬سوناطراك‮.. ‬أو‮ ‬سونلغاز‮…‬

وأما مقولة “الشاي في الطبسي والكسكس في الكأس” فهي ما كان يردده على مسامعنا الأستاذ الفاضل محمّد الصالح الصديق – أطال اللّه عمره ومتعه بالصحة- ونحن تلاميذ في ثانوية رمضان عبان في أوائل الستينيات، ولعله كان يعلق على تعيين الأخ التجاني هدام آنذاك – من طرف الأخ ابن بلة- وزيرا للأوقاف، وكان الأليق والأوفق أن يعين وزيرا للصحة، أوعميدا لكليتها أو مديرا لمستشفى مصطفى – عندما كان مستشفى – لأن الأخ هدام كان خبيرا في هذا الميدان، فهو طبيب كبير، وذو سمعة وشهرة في ميدانه.. ولم يكن عدد الأطباء في الجزائر آنذاك بالشيء المذكور‮.. ‬بل‮ ‬كان‮ ‬أقل‮ ‬من‮ ‬القليل‮.‬

ويقول قائل لقد عُيّن طبيبان (سعيد شيبان وامحمّد برّضوان) وزيرين للشئون الدينية، ووكانا أنجح وزيرين منذ 1992 إلى الآن في هذا القطاع، وما أنجحهما إلا التزامهما الديني، وثقافتهما في العلوم الشرعية وهي أعمق وأغزر من معرفة بعض “الفقهاء” الذين يزعمون أنهم أعلم و‮”‬أفقه‮” ‬من‮ ‬الإمامين‮ ‬ابن‮ ‬باديس‮ ‬والإبراهيمي؛‮ ‬بل‮ ‬ومن‮ ‬الإمام‮ ‬مالك‮ ‬ماداموا‮ ‬قد‮ ‬توقّحوا‮ ‬وسموه‮ “‬الإمام‮ ‬هالك‮”.‬

وأعود إلى ما كتبته منذ بضعة أيام من أن سيدنا يوسف – عليه السلام – عندما طلب جعله على خزائن مصر قدّم بين يدي طلبه أمرين هما: “إني حفيظ عليم”، وهذان الأمران هما اللذان يطلبان من كل من يطلب أي عمل – من خفير إلى وزير- وهما: (كا جيديسيار، والسرفاتيكا)، وهذا – طبعا‮- ‬في‮ ‬الدول‮ “‬النّورمال‮”.‬

 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!