-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصهاينة أو وهم النصر الصفري..

الصهاينة أو وهم النصر الصفري..

نفس ما حدث للأمريكيين في العراق وأفغانستان يُتوَقَّع أن يَحدُث لهم في فلسطين من خلال وكلائهم الصهاينة. ليس هذا افتراض من عندي إنما هو استنتاج قائم على مُخرَجات الدراسة التي نَشَرها منذ سنتين العقيد المتقاعد في الجيش الأمريكي “كريستوفر  كوليندا ” بعنوان: النصر الصفري: ما الذي نُخطئ فيه بشأن الحرب “Zero-Sum Victory: What We’re Getting Wrong About War”. استخلص هذا العقيد في كتابه جملة من الدروس تتعلق بالحروب الأمريكية في العالم وهي تنطبق اليوم في حدود كبيرة على الصهاينة بالنظر إلى العلاقة العضوية بينهم والأمريكان.

في كتابه يخرج بخلاصات ثلاث:

الأولى: النصر العسكري الحاسم هو المقياس الوحيد للنجاح في الحرب عند الأمريكيين، وهو ما يكرره يوميا “نتنتياهو“، ويسعى لبناء استراتيجيته العسكرية على أساسه.

الثانية: لدى الولايات المتحدة بطء شديد في التعرف على الاستراتيجيات الرابحة والخاسرة وكذلك في تعديلها أو التخلي عنها، وهو ما يحدث كذلك بالنسبة لقيادة الحرب الصهيونية منذ أن بدأت معالم الفشل تظهر في أسلوب إدارتها للمعركة.

الثالثة: عندما تُقرِّر الولايات المتحدة الانسحاب من المعركة تعرف اضطرابا في المساومة والانفصال مما يؤدي إلى تفاوض وعمليات انتقالية فاشلة، وهو ما ينطبق أيضا على محاولات التفاوض الأخيرة للصهاينة مع الفلسطينيين إِنْ في الدوحة أو القاهرة…

وباعتبار الكاتب قائدا ميدانيا لفرقة مظليين في أفغانستان ومستشارا للأمن في العديد من المراكز، ويُستَشهَد به كثيرا في مجال الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، فإن محاولة فهم ما يدور في عقل القيادة العسكرية الصهيونية في غزة من خلاله يبدو قريبا من الواقع..

وبالعودة إلى كيفية برهنته على الفشل الأمريكي وإسقاطه نستنتج أن الفشل الصهيوني قادم قادم.

إنه يُقدِّم النتائج على مَعلَمَيْن مُتعامدين، أعلى العمود الحكومة الموالية للأمريكيين تربح وأسفله طالبان تتلقى دعما خارجيا، وعلى يمين الخط طالبان تربح وعلى يساره يتحقق دعم خارجي للحكومة الأفغانية، ويستخلص أنه بعد 20 سنة من الحرب كانت النتيجة أن ضعفت احتمالية نجاح الحكومة الموالية وزادت احتمالية نجاح حركة طالبان كما زاد الدعم الخارجي لها ومن ثَمَّ فإن النتيجة بالنسبة للأمريكيين كانت الصفر ومنه جاء عنوان كتابه: النصر الصفري ZSV… ونكاد نرى اليوم ذات الأمر ينطبق على المقاومة الفلسطينية في غزة: الحكومة الموالية في الحد الأدنى، والمقاومة تربح كل يوم في الميدان ويزيد التعاطف الخارجي معها، في مقابل بقاء بديل وحيد للصهاينة وهو زيادة قوة النيران العسكرية بشكل غير مسبوق في محاولة تحقيق وهم حسم عسكري…

وإذا علمنا ـ أن منهجية إدارة المعارك بالنسبة للأمريكيين تقوم على أساس آراء قادة مسارح العمليات لوزارة الدفاع (القوات الخاصة، السفارات، قادة الجيش، الاستخبارات…الخ) التي تمر عبر بيروقراطية البيت الأبيض لتصل إلى مجلس الأمن القومي الأمريكي فالرئيس، وأن هؤلاء جميعا يُقيِّمون الأوضاع على حدى، فإن الكاتب يكشف أن هناك خَللاً مُستمرا في التقييم كون الجميع تجدهم يبرزون ضغوط النجاح التي تخص مهامهم منفصلة ولا يلتفتون إلى المُحصِّلة النهائية التي غالبا ما تكون كارثية.

إذا أسقطنا ذلك على غزة ستجدهم يقولون مثلا أن ضغوط النجاح تفوق 70% فيما يخص القدرات العسكرية لحماس و80% فيما يخص الدبلوماسية الجهوية، و70%  فيما يخص الانتقال إلى المرحلة الأمنية القادمة و70% فيما يخص تقويض الشراكة الاستراتيجية  لحماس… الخ، ولكنهم لا يَحسبون المُحصِّلة الأخيرة التي ستكون مُتدنِّية بالنظر إلى ضرورة تقسيم هذه الضغوط على عدد الالتزامات المُعلَنة.. ومن ثم جاء تفسيره لفشل القيادة الأمريكية في إنهاء الحروب وفي مرحلة التفاوض، ولماذا تخرج الإدارة الأمريكية خالية الوفاض من كل عملية عسكرية تقوم بها رغم ما تتركه خلفها من خراب…

لعلنا نستفيد من هذا التحليل في توقع ما سيحدث للصهاينة مستقبلا في القطاع.. في كل الحالات لن يكون مصيرهم أفضل من مصير سادتهم الأمريكان في العراق وأفغانستان.. لم يبرهنوا لحد اليوم سوى على سَادِيَتِهم ومَرضهم وحبهم للقتل ومحاولة حكم العالم بالخوف والإرهاب باسم محاربة الإرهاب..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!