الرأي

الصهيونية.. لا تنام

ح.م

الذين يقولون بأن العالم قد أصيب بالشلل، منذ أن عصفت جائحة كورونا بأمواجها العاتية، التي أصابت أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون نسمة، وقتلت أكثر من ثلث مليون شخص، وراحوا يعدّون تريليونات ملايير الدولارات، من الخسائر ومن المشاريع الكبرى المعطلة والملغاة، هم ربما لا يعلمون، وفي الغالب لا يريدون أن يعلموا، بأن المشروع الصهيوني الكبير لم يتوقف، بل واستغل “الفرصة” الوبائية لكي يمرّر مزيدا من أشواطه، ويباشر تطبيقها بسرعة ودقة، أمام صمت العالم، وأنظمة إسلامية منشغلة بأرقام الفيروس اليومية التي تحاصرها، والتزام الشعوب بيوتهم، التي منعتهم حتى عن التظاهر الاستعراضي في الشوارع، الذي “يزعم” الوفاء بالدم وبالروح لفلسطين وبقرب الفرج.

وحتى “وجع الرأس”، الذي كان يصيب الصهاينة مع كل عيد فطر، من خلال أداء الصلاة في المقدس، خفّ وزال هذا الموسم، تزامنا مع ضمّ مزيد من المستوطنات للدولة العبرية، أمام صمت المنظومة العالمية، ضمن صفقة القرن التي سارت “سلحفاتيا” قبل الجائحة، وانطلقت بسرعة البرق خلالها، وصار سقوط ورقة الضفة الغربية من القاموس الفلسطيني مسألة وقت، بالنسبة للصهاينة الذين عاثوا في التاريخ وفي الجغرافيا فسادا، منذ أن انشغل العالم بالفيروس المجهري.

وحتى ألمانيا التي كانت منشغلة بالوباء الذي كاد يزلزل منظومتها الصحية، وجعل ألمانيا تعدّ في كل يوم موتاها الذين تجاوزوا الثمانية آلاف، ومصابيها بالوباء الذين قاربوا المائتي ألف، وتحاول ترميم الخراب الاقتصادي الذي أصابها، نسيت لبعض الوقت كل مآسيها وحربها الصحية، والتفتت إلى حزب الله اللبناني ووضعته في خانة الجماعات الإرهابية، تحت ضغط صهيوني لا يعترف بزمن الصحة ولا بزمن الوباء، وولاء غربي ينسى كل همومه ويطبق ما تمليه عليه إسرائيل.

أثبت التاريخ بأنه منذ أن تمكنت الصهيونية من أرض فلسطين وهي لا تكلّ ولا تملّ عن تحقيق برنامجها الكبير، الذي يطمح لدولة من الماء إلى الماء، وترفع من وهجها تزامنا مع الأزمات العالمية الكبرى، من حروب إقليمية وأحداث عالمية مثل الحرب العراقية الإيرانية وأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وبلوغا الأزمة الصحية العالمية، وفي كل أزمة تخرج إسرائيل منتصرة، الأرض بيمينها وبصمات وإمضاء موافقة القوى الكبرى في يسارها، وتبقى الأمة تتفرج غير قادرة عن الحركة، مشغولة، إما بنار الحرب أو بغضب الولايات المتحدة الأمريكية، أو بألم الوباء. وبينما هم يحتفلون “نظريا” بيوم القدس العالمي، تحتفل إسرائيل “عمليا” بمزيد من الأرض، ومزيد من الدعم الغربي وصمت العالم بأسره.

اثنتان وسبعون سنة مرت عن القرار الأممي بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية، وعين إسرائيل لا تنام، أبدا، تنظر لمزيد من الأرض حتى تكون القسمة “ضيزى” على مزاجها، تأخذ فيها ما شاءت وفي الوقت الذي تشاء، حتى ولو تزامن هذا الوقت مع وباء كورونا.

مقالات ذات صلة