-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصهيونيّ يرفض العربيّ ولو كان مطبِّعا!

حسين لقرع
  • 2345
  • 0
الصهيونيّ يرفض العربيّ ولو كان مطبِّعا!

فور نهاية مباراة المغرب والبرتغال ضمن الدور الربع لكأس العالم، خرج عشراتُ الفلسطينيين في باب العمود بمدينة القدس المحتلّة للاحتفال بتأهل بلد عربي، فواجهتهم الشرطة الصهيونية بالهراوات وفرّقتهم وأفسدت فرحتهم.

هذا السلوك القمعي الصهيوني لم يكن متوقعا لأنّ الأمر يتعلق باحتفال بفوز منتخبِ بلدٍ لم يعُد عدوًّا للكيان الصهيوني، بل أضحى مطبِّعا وصديقا وحليفا، ولو احتفل الفلسطينيون بفوز منتخب بلد آخر معاد للكيان الإسرائيلي، لكان قمعُهم مفهوما، أما أن يمنع احتفالا بفوز منتخب بلدٍ مهروِل، فذلك ما يحمل دلالاتٍ عميقة ينبغي أن نتوقّف عندها.

منذ أن وقّعت المغرب “اتفاق إبراهام” في أواخر 2020 مع الاحتلال، ربطت معه جسور علاقاتٍ متينة في ظرف زمنيّ قياسي؛ فقد استقبلت بحفاوةٍ بالغة العديدَ من قادته، أغلبهم مجرمو حرب ارتكبوا أبشع المذابح بحقّ الفلسطينيين، كما وقّعت معه اتفاق تعاون عسكري واستخباراتي ودفاع مشترك، واستقبلت فرقا مسرحية وغنائية في إطار السعي إلى تسويق التطبيع للشعب المغربي، ووقّعت اتفاقات تعاون بين جامعات عبرية ومغربية، وعدّلت مناهجها التعليمية وأدخلت فيها “المكوّن اليهودي” كجزءٍ من التراث المغربي، كما أبرمت معه العديد من اتفاقات التعاون الاقتصادي، وفتحت خطوطا جوية مباشرة بينها وبين مطارات الكيان… وخطت خطوات تطبيعية أخرى عديدة لا يتّسع المجالُ لذكرها لكثرتها…

ومع ذلك كلّه، لم يتجرّع الصهاينة فوز المغرب على البرتغال في مباراة كروية، ورفعَ علمِها في القدس على أيدي شبان فلسطينيين، فواجهوهم بالهراوات بكلّ وحشية وفرّقوهم، وطاردوهم في الشوارع.. وهناك العديد من الفيديوهات التي توثّق هذا القمع، أليس في ذلك دلالة على أنّ الصهيونيّ يرفض العربيّ ويحتقره ولو كان مطبِّعا معه، خانعا ذليلا يستجدي رضاه بأيّ وسيلة؟

منذ أيام صرّح الرئيسُ الأمريكي السابق دونالد ترامب بمرارة شديدة بأن يهود أمريكا ناكرُو معروف، وهم لا يقدّرون خدماته لـ”دولتهم” بعد أن قدّم لهم ما لم يقدّمه رئيسٌ أمريكيّ آخر قبله، في إشارة إلى قرار نقلِ السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس في ديسمبر 2017، ومع ذلك نسوا بسرعة أنه كان أفضلَ صديق لـ”إسرائيل”، كما انتقد نتنياهو من قبل واتهمه بالتنكّر له.. إذا كان هذا قد حدث للرئيس الأكثر صهيونيةً في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية مع يهود أمريكا ونتنياهو، فهل يتوقّع المخزن وبقيّة الأنظمة العربية المطبِّعة أن يرضى عنها يهودُ الاحتلال؟

نائبُ سفير الكيان الصهيوني في المغرب، إيال ديفيد، سأل مسؤولين مغاربة عن حملِ منتخب بلادهم العلمَ الفلسطيني خلال احتفالاتهم؟ فكان جوابُهم أنه “لا يمثّل إرادة محمد السادس”، وهو جوابٌ صحيح في الواقع لأنّ الذي يطبّع ويلقي بالمودّة للاحتلال هو “أمير المؤمنين” وليس الشعب المغربي العاشق لفلسطين، لكنّ سؤال نائب السفير، الذي يحمل طابعًا استهجانيًّا واضحًا، يكشف أيضا خيبة الأمل المريرة التي بات الكيانُ يشعر بها وهو يرى الشعوبَ العربية تحمل راية فلسطين عاليةً في قطر، وتتغنّى بحبِّها في المدرَّجات، وتطلق رصاصة الرحمة على “اتفاقات إبراهام” وتعلن أنها تخصّ الأنظمة الاستبدادية الخائنة وحدها.

ما فعلته الشرطة الصهيونية في القدس من منع الاحتفال بفوز منتخب بلد عربي مطبّع، ليس حدثا عاديا، لكنّ المؤسف أن وسائل الإعلام العربية تعاملت معه كحدثٍ عابر ولم تتوقّف عنده، رغم أنّه يحمل في الواقع دلالاتٍ عميقة على مدى مقت الصهاينة للعرب جميعا، حتى المطبّعين منهم، فهم يريدون منهم استسلاما كاملا غير مشروط ونسيانا تامّا للقضية الفلسطينية وتماهيًا كلّيا مع سياسات الاحتلال.. رفعُ أعلام فلسطين ممنوعٌ حتى على لاعبي الكرة.. هو درسٌ للمخزن وبقية أنظمة الانبطاح إن كان لهم قلوبٌ يعقلون بها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!