-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصّين تُعرِّي ديمقراطية الولايات المتحدة في تقرير…

الصّين تُعرِّي ديمقراطية الولايات المتحدة في تقرير…

تزامنت زيارة الرئيس الصيني “شي جين بينغ” إلى روسيا مع صدور تقرير لوزارة الخارجية الصينية، الاثنين، عن حال الديمقراطية المنهارة في الولايات المتحدة وكيفية استخدامها كأداة للهيمنة على العالم وإثارة الفتن والحروب التي ما فتئت تترك مزيدا من الخراب والدمار، بل وتَسبَّبت في العقدين الأخيرين فقط في مقتل أزيد من 900 ألف شخص عبر العالم وإصابة وتشريد ونفي عشرات الملايين.

يُبيِّن هذا أن الصين انتقلت بالفعل إلى مستوى آخر من الدِّفاع عن نفسها تجاه الولايات المتحدة والغرب، وهو المستوى السياسي ذو العمق الفكري والحضاري. فهي من جهة تقوم بتعزيز علاقاتها مع أحد أكبر حلفائها روسيا خاصة في الجانب الاستراتيجي، ومن جهة أخرى، تُبيِّن أن حركتها اليوم على الصعيد العالمي ينبغي أن تتضمن أيضا مشروعا سياسيا بديلا للمشروع الغربي. وفي هذا الصدد ينبغي أن تكشف زيف الديمقراطية الغربية وتنشر للعالم عيوبها الداخلية مع تسليط الضوء على أساليب استخدامها كأداة للهيمنة والإبقاء على التقسيم الظالم للعالم بين سادة غربيين ديمقراطيين مُتقدِّمين في جانب، وعبيد (أي بقية العالم) في جانب آخر ينبغي أن يستمروا تحت سيطرة الغرب على شاكلة ما حدث طيلة حقبتي الاستعمار التقليدي والحديث في القرنين الماضيين… وفي هذا دلالة أخرى على عمق الاستراتيجية الصينية التي بات واضحا اليوم أنها بعد أن ربِحت الرِّهان الاقتصادي وتفوقت على الغرب، انتقلت إلى مستوى آخر من النِّدية من خلال الكشف عن زيف المشروع السياسي والقيمي الغربي برمته الذي تُمثِّل “الديمقراطية” رأس حربته بامتياز…

ولهذا ركز التقرير على نقاط عدة يمكن النظر إليها من خلال مستويين:

مستوى ما يُعرَف بالبديل الديمقراطي، حيث اعتبر أنه ينبغي عدم تقسيم العالم “بالأبيض والأسود” تقسيما تعسفيا على أساس “ديمقراطي ـ استبدادي”، وبدل دعوة شعوب العالم إلى عقد قمة عن الديمقراطية ينبغي دعوتها إلى مؤتمر للتضامن لحل التحديات العالمية، ذلك أنه لا يوجد نموذج واحد للديمقراطية يناسب البشرية جمعاء بل هي قيمة مشتركة تتخذ أشكالا مختلفة، ومن غير الديمقراطي تقييم الحضارات الأخرى من خلال منظور واحد أي المنظور الغربي، بل على كل شعب أن يختار النظام السياسي الذي يلائمه وهو الذي يَحكُم على ذلك النظام بأنه ديمقراطي أو غير ديمقراطي وليس الولايات المتحدة هي التي تحكم على ذلك.

ومستوى طبيعة الديمقراطية الأمريكية ذاتها، حيث أبرز التقرير “استيلاء مجموعات من الأفراد ذوي المصالح المشتركة ورأس المال منذ فترة طويلة عليها”، وأشار إلى وجود انقسامات اجتماعية حادة داخل المجتمع الأمريكي نتيجة سياسات المال والهوية، فضلا عن ازدياد الفجوة بين الفقراء والأغنياء، مؤكدا الطبيعة العنيفة لما يُعرف بالديمقراطية الأمريكية حيث عرفت الولايات المتحدة خلال تاريخها الذي لا يزيد عن 240 عاما حالة سلام لمدة 16 عاما فقط أي أنها تعد “أكثر الدول حروبا في تاريخ العالم”، كما قامت تحت غطاء تصدير  نموذجها الديمقراطي بشن عشرات الحروب على الدول الفقيرة أو النامية ونهبت ثرواتها، فضلا عمّا تركته خلفها من خراب ودمار (فيتنام، أفغانستان، العراق…).

ولعل هذا الجزء اليسير من التقرير يبيّن بالفعل أن عصر هيمنة القطب الواحد على العالم قد أفل، والتحالف الصيني الروسي بالشكل الحالي هو بداية عصر جديد في العلاقات الدولية، في كل الحالات سيُمكّننا من القيام بأفضل خيار ومن مساحة أمل أوسع للعمل وفق قواعد دولية مختلفة عن تلك التي فرضها العصر الأمريكي ـ الغربي…

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!