الرأي

العدل هو الأمل!

محمد سليم قلالة
  • 3065
  • 9

مادام الشاب الجزائري لا يشعر بأنه سيُعَامل، في أي مستوى كان، بطريقة عادلة وبدون وساطات، ما دام هذا الشاب يعتقد أن الدَّعم الذي يُمكِن أن يتلقَّاه لإنجاز مشروع معين أو القيام بنشاط تجاري محدد أو البحث عن عمل ملائم، لن يُعامَل فيه على قدم المساواة مع غيره من ذوي النفوذ أو الوساطات “الفعّالة” و”المتينة”، ما دام هناك شعور لديه بعدم وجود قانون واحد يُطبَّق على الجميع بدون تمييز، بل هناك قراءات مختلفة لنفس القانون، واحدة للعامة والأخرى للخاصة وثالثة لخاصة الخاصة، فإن الانطلاقة الحقيقية لن تحدث في أي قطاع من القطاعات ولن نتمكن من إعادة المصداقية لأي منها، ولن نحيي الأمل في الناس القادر على صناعة التقدم المنشود.

نحن في حاجة قبل كل شيء إلى إقامة العدل بين الناس وهي غاية القانون، أي إلى توحيد معايير تطبيق القانون على الجميع، وعلى معاقبة كل من تُسوِّل له نفسه القيام بغير ذلك،  وهذا لن يتأتى إلا من خلال تمكين العدالة من صلاحيات أكثر ومن إمكانيات أكثر ومن ظروف أحسن لممارسة السلطة الحقيقية التي ينبغي أن تكون لها.

عندما يعرف الشاب بأن هناك عدالة ستنصفه إن هو ظُلم، وأنها لن تتأخر في تمكينه من حقِّه، وعندما يعرف المسؤول بأن القانون فوق الجميع، وسيُعَاقَب إن هو أخلّ به أو أساء تطبيقه، عندها يبدأ الجميع في استعادة الثقة والطمأنينة المطلوبتين لتحقيق أي تقدم وازدهار.

ومن حماية الشاب الذي بدأ يخطو خطوات عمله الأولى، إلى حماية المقاول أو الصناعي الصغير، إلى حماية الجميع من أن يتغول هذا على ذاك، نستطيع أن نتوقع بروز بداية  فعلية لاستثمار حقيقي قائم على المنافسة الشريفة، ونفس الشيء ينطبق على باقي القطاعات والنشاطات، لا يمكن لأي منها أن يعرف التطور الحقيقي والتماسك والمتانة الحقيقيتين دون أن يشعر القائمين عليها بأن هناك قانونا هو بحق فوق الجميع، ولا يمكن لأحد مهما كان أن يتجاوزه.

أما إذا بقي النظر للقانون بمعايير مختلفة، وتسللت إليه الحسابات الضيّقة،  فإن كل مبادرة تُقتَرح للنهوض بالاقتصاد أو تطوير قطاع الخدمات(وآخرها منطقة صناعية في كل بلدية) سيكون مصيرها التحول عن الغاية المنشودة منها، إذا لم يكن الفشل الذريع، كما انفتحت المؤسسات العامة للرأسمال الخاص أو تحسين أداء الإدارات والهيئات المختلفة سينحرف عن غايته إذا لم يكن قائما على عدل حقيقي في تمكين كل المواطنين من المساهمة في ذلك في إطار منافسة شفافة وشريفة.

بكلمة واحدة، ينبغي أن يتذكر أصحاب المبادرات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، أن العامل الرئيس لنجاحها ليس فقط تقينا أو ماليا، إنما أن تتم في نطاق القانون وأن يكون العدل هو أساسها، دون ذلك لن تساهم إلا في زيادة تقليص مساحة الأمل المتبقية أمام الناس…

مقالات ذات صلة