الرأي
نسائم رمضان

الله جلّ وعلا يحبّك.. فماذا عنك؟

سلطان بركاني
  • 3015
  • 0

ما منّا من أحد إلا وهو يجزم بلسانه أنّه يحبّ الله جلّ وعلا، لكنْ ماذا لو سأل الواحد منّا نفسه في لحظة صدق: عشراتُ السّنين، وأنا أسير سالكا طريقي في هذه الحياة، يا تُرى ماذا قدّمت لنفسي ولديني؟ ساعات تنقضي من عمري كلّ يوم، يا ترى كم ساعة جعلتها لديني وآخرتي؟ كم جعلت لله من قلبي ومن حياتي؟ أيّ شيء يشغل بالي ويملأ قلبي؟ هل قلبي متعلّق بالله وما عند الله أم أنّه عامر بالدّنيا وهمومها؟ كم مرّة آثرت ما عند الله على شهواتٍ ومتع محرّمة من هذه الدّنيا؟ كم مرّة دعتني نفسي إلى ريبة فقلت: يا نفس اتّقي الله الذي يراك ويسمع سرّك ونجواك.

والله لو أجاب الواحد منّا عن هذه التّساؤلات بكلّ صدق لاستحيى من نفسه، ولاستحيى قبل ذلك من ربّه. ولَعرف أنّ قلبه يكاد يكون خاويا من محبّة الله جلّ شأنه.

تأمّل أخي المؤمن في نفسك وحالك وواقعك، وحاول أن تستحضر نِعم الله عليك في هذه الدّنيا لعلّك تستحي من خالقك ومولاك.

ابدأ وعدّ معي أخي المؤمن.. اختارك الله لتكون مسلما من بين هذه الملايير من البشر، أنت مسلم مؤمن وحولك في هذا العالم أكثر من 5 ملايير كافر بين مشرك وملحد، وفوق هذا جعلك موحّدا، لا تدعو مع الله ولا من دون الله أحدا من خلقه، وحولك الملايين من المنتسبين إلى أمّة الإسلام ممّن أغواهم الشّيطان فتعلّقوا بالأموات من الأئمّة والأولياء.

فتح لك أبواب رحمته لتتوب وتؤوب إليه سبحانه، ووعدك مغفرة الذّنوب وستر العيوب إذا أنت ندمت ورجعت، وفوق هذا وذاك يفرح بتوبتك.. فُرص مغفرة الذّنوب كلَّ يوم وكلّ أسبوع لا تعدّ ولا تحصى: الوضوء الصّحيح والمشي إلى المسجد تُغفر بهما الذّنوب، الصّلوات الخمس في بيت الله تُمحى بها الخطايا والعيوب، الذّكر بعد الأذان وبعد لبس الثّوب وبعد الفراغ من الطّعام تقال به العثرات، الجمعة إلى الجمعة كفّارة لِما بينهما لمن اغتسل وبكّر ودنا ولم يلغُوهكذا.

كتبَ سبحانه أن يضاعف الحسنات ولا يضاعف السيّئات، الحسنة بعشر أمثالها إلى 700 ضعف، والسيّئة لا يكتبها ملَك الشّمال إلا بعد 6 ساعات، لعلّ صاحبها يتوب، فإن لم يتب كتبها سيّئة واحدة، فإن تاب منها بعد ذلك مُحيت، فإن حسُنت توبته كُتبت مكانها حسنة. الحسنة تمحو السيّئة، والسيّئات مهما عظمتدون الشّركفإنّها لا تمحو الحسنات.

يشتاق جلّ في علاه إلى عبده في بيته فيدعوه 05 مرات كلّ يوم. يشتاق إلى دعائه فيبتليه بنقص في الأموال أو بالأمراض أو بالضّيق والهموم، لعلّه يرفع يديه إليه ليسمع دعاءه ويرى بكاءه.

يخفّف عنه في مرضه وسفره فيُسقط عنه الصّوم، ويسقط عنه شطر الصّلاة. أحلّ له كلّ الطيبات ولم يحرّم عليه إلا الخبائث المضرّة والمهلكات، بل وأباح له المحرّمات في حال الضّرورات.

هذه نِعم أحصيناها من بين ما لا يحصيه إلا الله من النّعم التي يتقلّب فيها كلّ واحد منّا باللّيل والنّهار. ألا يجعلنا كلّ هذا نستحي منه جلّ في علاه؟ ألا يجعلنا نستحي من أنفسنا يوم يضيّع الواحد منّا كلّ تلك الفرص التي منحها الله إياه، ويأتي يوم القيامة بسجلات أمثال الجبال من السيّئات، يأتي ليقف أمام الميزان تتملّكه الحسرة ويعلوه الذلّ والهوان، وهو يرى أناسا كان يعرفهم في الدّنيا معهم سجلات حسنات أمثال الجبال، فلا يملك إلا أن يعضّ أصابع النّدم ويقول: “يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ“.

مقالات ذات صلة