-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

اللّبان والشّمّة

اللّبان والشّمّة

الإسلام هو دين النظافة والجمال، حتى إنه جعل النظافة شعبة من شعب الإيمان كما جاء في الحديث الشريف، كما جعل الطهارة من شروط الصلاة التي هي عماد الدين، سواء في ذلك طهارة الثوب والمكان فضلا عن طهارة الجسم. كما أن التزين والتجمل أحد مميزات ومزايا ديننا، ولم يجعله مقصورا على الأمور الدنيوية؛ بل إنه يأمر بالتزين حتى في الانقطاع للعبادة في المساجد، حيث جاء أمر الله – عز وجل – الذي أنزله في كتابه في قوله: “يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد”.

وبما أن التربية الجمالية نوع هام من أنواع التربية التي حرص الإسلام على إشاعتها في المسلمين، وقد وجّه القرآن الكريم المسلمين إلى الجمال المثبوث في الكائنات الحية وغير الحية من أشجار، وأزهار، وأقمار، وأنهار، وأبشار..

وكم أعجبني قول البروفيسور المجري عبد الكريم جرمانوس، الذي وصفه العقاد بأنه “عشرة علماء” عندما سئل عن سبب إسلامه، فقال: “لقد وجدت الإسلام دين النظافة”. إن النظافة أمارة على رقي الشعب الذي يتصف بها، وعلى وعيه وتحضره، وينتج عنها خلو ذلك الشعب من كثير من الأوبئة والأمراض التي يكون سببها القذارة والأوساخ.. وما أكثر ذلك في بلدنا، وفي كثير من أفرادنا.. حتى إننا صنفنا من أوسخ البلدان والشعوب في العالم.

شهادت في برنامج “خواطر” الرائع الهادف الذي يقدمه الإعلامي المتميز أحمد الشقيري في قناة  (MBC ) ؛ شاهدت حصة عن دولة سنغافورة – غير المسلمة – التي لا تحرص على شيء حرصها على النظافة في شوارعها، وساحاتها، ومؤسساتها، ومواصلاتها، حتى صارت من أحسن وأنظف وأجمل بلدان العالم بعدما كانت من أسوإها وأوسخها وأقبحها .. وذلك ما جعلها من أكثر الدور استقطابا للسائحين والسائحات.. ومما لفت نظري في تلك الحصة أن القانون في سنغافورة يحرّم بيع اللّبان فضلا عن استهلاكه بالرغم من رائحته الطيبة وعدم قذارته، وأن من وجد عنده لبان للبيع أو للاستهلاك غرّم غرامة ثقيلة تجعله يفكر كثيرا قبل أن توسوس له نفسه بشراء لبان أو استهلاكه، إن وجد من يبيعه له.

وبينما كان الشقيري يتحدث عن أعجوبة النظافة في سنغافورة مظهرا بالصورة ما يقوله بلسانه قفز إلى ذهني أقذر وأنتن ما يستهلكه كثير من الجزائريين وهي تلك القذارة المسماة “الشمّة”.. التي يسميها بعضهم “ماكلة”. فما أقذر أفواه أولئك الذين يستهلكونها وأنتها، وما أبشع مناظرهم، حيث تنتفخ شافههم من ذلك الكم القذر الذي يخزّنونه تحت شفاههم العليا أو السفلى، حتى إذا امتصوا تلك القذارة رموا بقيتها حيثما كان، في الطريق في الحافلة، في المسجد، في الطائرة، في المدرسة، في المكاتب الإدارية..

لقد حضرت درسا في أحد المساجد وسمعت الإمام ينبّه النساء ويشدد عليهن في حسن تبعّلهنّ لأزواجهن بالنظافة، والتزين، والتعطر، ولما انتهت الصلاة سلّم عليّ وطلب مني أن أزوره يوم الجمعة المقبلة لإلقاء درس. قبلت دعوة فضيلة الإمام، وكان موضوع درسي هو إتمام ما تناوله، حيث شددت على وجود تزيّن الرجل لزوجه كما قال ابن عباس – رضي الله عنهما. ومما ذكرته من تزيّن الرجل لزوجه عدم استهلاكه تلك “الشمة القذرة” التي تشمئز النفس وتتقزز منها ومن رائحتها النتنة.

إنني أتجرأ وأدعو الآباء إلى عدم تزويج بناتهم من أولئك “الشّمّامين”، كما أدعو الزوجات إلى عدم تمكين أزواجهن من أنفسهن إن تمسكوا وأصروا على استهلاك هذه المادة القذرة السامة.. ولو كانت حكوماتنا راشدة لحرمت هذه النجاسات من الخمر إلى الشمة، وتغريم من يبيعها ويستهلكها.. وصلى الله وسلم على نبيه الطاهر الذي كان يوصي بالطهارة المعنوية والمادية؛ بل يأمر بها ومنها حديثه عن السواك الذي وصفه بأنه مطهرة للفم ومرضاة للرب ومنها حديثه القائل: “إن أفواهكم طرق القرآن فطيبوها بالسواك” ومنها أيضا إخراجه لشخص غير مهذب الشعر، وغير حسن الهندام من المسجد..

وليسمح لي الإخوة أصحاب الفضيلة الأئمة إلى التركيز في دروسهم وخطبهم على مثل هذه الأمور، وعدم إثارة ما لا فائدة فيه في عاجلنا وآجلنا.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!