-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المعركة الديمغرافية.. خوف الكيان من الانهيار!

المعركة الديمغرافية.. خوف الكيان من الانهيار!

لا تَستجيب الضَّربات الإجرامية الجوية للكيان الصهيوني التي أسفرت عن استشهاد آلاف المدنيين، لروح الانتقام من هزيمته العسكرية فحسب، إنما تُعبِّر في عمقها عن هاجس أمني لديه سكنه منذ السنوات الأخيرة من التفوق العددي للفلسطينيين مقارنة باليهود في كامل التراب الفلسطيني.
تُبيِّن الإحصائيات الرسمية ومن مصادر غربية أن العدد الإجمالي لسكان فلسطين المحتلة ما فتئ يتحول لصالح الفلسطينيين، فبعد ما كان منذ تأسيس دولة الاحتلال لصالح الصهاينة بعد التهجير القسري وعمليات الإبادة الجماعية، هو قرابة مليوني صهيوني مقابل مليون وربع مليون فلسطيني تقريبا في منتصف الخمسينيات، اتسع الفارق بعد حرب 1967 إلى نحو 2.5 مليون صهيوني سنة 1970 مقابل 1.5 مليون فلسطيني، فقرابة 4.5 مليون في منتصف التسعينيات مقابل نحو 3.7 مليون فلسطيني، إلا أن الفجوة بدأت تتقلص مع بداية هذا القرن نحو 4.5 مليون فلسطيني مقابل نحو 5 مليون صهيوني سنة 2000، وفي سنة 2015 تقارب العدد بينهما في حدود 6 ملايين نسمة كليهما، ثم بدأ المنحنى يتجه صعودا في صالح الفلسطينيين إلى غاية أن تَغَلَّب عدد الفلسطينيين على عدد اليهود سنة 2021.
وتتوقع الإحصائيات الديمغرافية المستقبلية الغربية ذاتها في نموذج ما يُقدِّمه مركز pewresearch المعروف أن أعداد الفلسطينيين ستستمر في الزيادة على حساب اليهود إلى غاية سنة 2050 وما بعدها (إن استمر في الوجود)..
ففي هذه السنة أي 2050 على سبيل المثال سيُصبح عدد الفلسطينيين في الضفة والقطاع قرابة 13 مليونا (من دون حساب الفلسطينيين المسيحيين ومن دون حساب الفلسطينيين خارج فلسطين) مقابل 8 ملايين يهودي فحسب، بما يعني أن الغلبة العددية التي كانت لأعداد اليهود في بداية تأسيس الكيان نتيجة الهجرة الخارجية والاستيطان وتهجير السكان الأصليين ستنتهي من الآن فصاعدا… وفي هذا دلالة على عقم المشروع الصهيوني ونهايته الحتمية. ونتيجةً لهذا الشعور نجد أنصار دولة “إسرائيل” الكبرى اليوم يسارعون للقضاء على أكبر عدد من الأطفال والنساء في محاولة لِلَجْمِ هذا الانهيار الديمغرافي، أي أن الأمر لا يتعلق فقط بمحاولة إلحاق الضرر بسكان قطاع غزة إنما بمحاولة تدارك الخلل الديمغرافي الذي أصابهم في مَقتل، والسَّعي للخروج من الهاوية السكانية التي وضعوا قدمهم فيها ولا مُنقِذَ لهم اليوم…
إذا أضفنا إلى هذا ما ستُسفِر عنه تداعيات معركة طوفان الأقصى، سنكتشف المصير الديمغرافي الكارثي الذي ينتظر هذا الكيان؛ فبالإضافة إلى الهجرة العكسية التي سيعرفها بعد الطوفان يوم تعود الخطوط الجوية إلى نشاطها العادي، ستتوقف الهجرة نحوه التي كانت ترفع من معدلات نموه السكاني، ولن يهاجر نحوه من الآن فصاعدا أي من سكان البلدان الغربية أو حتى الفقيرة باعتبار الأوضاع الأمنية التي لن تهدأ به وحوله، وباعتبار أن الاختلال الديمغرافي سيجعل جميع مُرشَّحِي الهجرة يُدركون أنهم إن هاجروا إلى الكيان سيجدون أنفسهم ضمن أقلية وأقلية غير متجانسة، تُناوئها أغلبية هي صاحبة الأرض، فإن هذا وحده سيكون كافيا لِتزداد حدة اختلال الميزان الديمغرافي أكثر مما توقعته مراكز البحث المختلفة والتي من دون شك لم تكن قد أدخلت في حسابها التعامل مع متغير رئيس عنوانه معركة في حجم معركة طوفان الأقصى ستتسبَّب في هجرة المستوطنين من جنوب وشمال فلسطين على السواء إلى حيث لا يعلمون في مشهد لم يكن أبدا مُتَصَورا…
لهذا كله لا نستغرب كل هذه المحاولات اليائسة لتهجير سكان قطاع غزة وقتل الآلاف من أبنائهم بما في ذلك الرُّضَّع والخُدِّج، عسى أن يَلحَقَ هذا الكيان نفسه ويُقلِّل من تسارع وتيرة انهياره الديمغرافي لصالح الفلسطينيين المُتشبِّثين بأرضهم وغير المُتخَلِّين عن حق العودة مهما طالت السنوات، وفي ذلك مساحة أمل لا حدود لها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!