الرأي

الملفات التي خدعت الشباب

محمد سليم قلالة
  • 3329
  • 15

انعكاس إجراءات تشغيل الشباب على سوق العمل ينذر بخطورة حقيقية على إدراك هؤلاء الشباب لمعنى العمل ذاته والغاية منه.

أول انعكاس خطير يتعلق بذلك المفهوم الذي أصبح شائعا بين أغلبية من تحصلوا على قروض من قبل الدولة بأنهم لن يعيدوها أو أن ديونهم ستُمسح في يوم من الأيام لخدمة إحدى الحملات الانتخابية.

وثاني انعكاس خطير يتعلق بإهانة الشباب نفسه بمناصب لا عمل فيه مقابل أجر زهيد يسمى عقود ما قبل التشغيل، أو عقود الإدماج أو غيرها.

وثالث انعكاس خطير يتعلق بانتشار فهم خاطئ في الأوساط الشبابية لمعنى العمل ومعنى الربح وقيمة الجهد البشري، حيث أن النتيجة أصبحت ترتبط بالقدرة على  تسيير الملفات وتجاوز عقبات الإدارات وأحيانا حتى اللجوء للوسائل غير المشروعة لأجل الحصول على الرخصة أو القرض، ولا ترتبط  بما ينبغي أن يتم بذله من جهد ومن تحقيق لنتائج ملموسة إن على صعيد الإنتاج أو تقديم الخدمات…

وبهذه الصفة يصبح مفهوم تشجيع الشباب على العمل أقرب إلى الرشوة والدفع باتجاه الطريق الخاطئ أكثر مما هو تشجيع حقيقي للموهوبين والقادرين على الابتكار، فمن لم يقترب من هذه الإجراءات أصبح معاقبا بتفانيه في العمل ورفضه لهذه الآليات التي أصبحت في معظمها مشجعة على السير في الطريق غير الصحيح.

وقد لاحظت هذا بنفسي وأنا أرى سوق العمالة يضطرب تماما في مستوى بعض الولايات الفلاحية، حيث بدل أن يتوجه الشباب إلى سوق العمل الحقيقي ويتعرفوا على حقيقة صعوبات العمليات الإنتاجية لعل من بينهم من سيتحول فيما بعد إلى الاستثمار، يترك معظمهم  هذا السوق فارغا ويتوجهوا إلى سوق جمع الوثائق المطلوبة في ملفات الدعم الخادعة، يفضل الكثير منهم أن يتيه فيه عاما أو حتى 05 سنوات ليفوز في آخر المطاف بذلك القرض الذي يعتقد أنه سيمكنه من تغيير واقعه وبناء مستقبله. وإذا به يجد نفسه في معظم الأحيان قد فقد ما اقترضه، وفقد قدرته على العمل، ودُفع دفعا إلى الطريق غير الصحيح. وفي الجهة الأخرى يجد المستثمر الحقيقي ـ وما أقلهم ـ  باستثناء المجال الفلاحي ـ قد فقد كل العمالة المؤهلة وغير المؤهلة التي كان بالإمكان أن يدرجها في تطوير مشروعه، فيخسر الطرفان وينضم الجميع إلى عالم الطفيليين الذي أصبح هو عنوان مجتمعنا اليوم، شعاره:  أن تساير الأحداث وتكون طفيليا أو لا تكون.

 

ولولا بعض المبادرات القليلة التي فلتت من هذا الشراك الذي وضعته هذه السياسة العامة لفقدنا كل الأمل في أن تعود للعمل قيمته ذات يوم ويعود للشباب طموحه في أن ينتج ويبتكر سلعا وخدمات ومعرفة… بدل أن ينتج ملفات ثقيلة تخدعه ويخدعها، تنتهي محصلتها في آخر المطاف لدى كبار الخادعين بما يسمي سياسة تشغيل الشباب.

مقالات ذات صلة