-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

… المهم.. “المكارشة”!

عمار يزلي
  • 1637
  • 0
… المهم.. “المكارشة”!

لما رحت أصف شراهتي للطبيب قبل اليوم، صار يضحك ويقول لي: “بركاك بركاك ما نخلصش عليك غير أسكت.. هاهاهاها”.. وأنا أضيف له التفاصيل: أستنى يا دكتور نشرح لك كيفاش في يوم من الأيام، ناورت لكي أظفر بعشاء فاخر في جنازة فاخرة، كانت الميّتة فاجرة، وكانت أمها ماكرة، فاستدعت الفقهاء ليقرؤوا عليها الفاتحة، وسوراً من القرآن لعلها تدخلها جنات عالية قطوفها دانية..

قاطعني الطبيب وهو لا يكف عن الضحك: خليها لنهار آخر.. عندي مرضى ينتظرون وهذه ساعة وأنا معك.. قلت له: أدفع لك مقابل زوج فحوصات وخليني نهدر (كنت مريضا بالهدرة، وزوجتي هي التي هبلتني بهدرتها، فصرت أهدر لكي لا تهدر هي، على قاعدة الشاعر عمر بن كلثوم: ألا لا يجهلنّ أحد علينا… فنجهل فوق جهل الجاهلينا).

الحاصل، تخلص مني الطبيب بستين كشفة ولم يخلص عليّ الفيزيتة بعد ما أعطاني وصفة لا تتعدى بعض الأدوية التي هي عبارة عن مكملات غذائية. احترت في نفسي: أين كنت وأين صرت؟ لما كنت كالفارس المغوار، أدخل ساحات الوغى وآخذ من دم هذا الصحن ومن لحم ذاك الطاجين وأروى من عيون الماء الزلال والقازوز ذي الهبال، والفواكه ذات السلال والعسل ذات النحال، وأترك الآكلين حيارى غير قادرين على النبس ببنت شفة ولا رفع الشدق للشفة، مذهولين وكأن على رؤوسهم الطير، مشدوهين من وقع الترويع والصدمة، واليوم، صرت لا أكل إلا قليلا ولا أبحث لا عند قيطون ولا خيمة ولا جنازة ولا عرضة نشازة ولا عرس خالتي زازة (“خالتي زازة، عبارة أقولها عن كل عرضة أنا غير معروض إليها، فأعرض لها نفسي بدون انتظار العرض، وأعتبر نفسي من المعارضين الوطنيين الذي يأكلون مع السلطة كل سلاطة وما في الصحن من مرق ولحم وبطاطا، ويدعون أنهم معارضون! أنا أسمي نفسي مثل ما أسمي هؤلاء معارضون بالمكارشة“! أي أحفاد أشعب“).

احترت في أمري وفي هذا التبدل السريع في بطني وفطنتي، في عقلي ونقلي، في قلبي ولبي، في سيرتي وأسرتي، في فكري وذكري.. ولولا ما تبقى من بقايا الثرثرة والنسيان، لقلت أني صرت إنسانا آخر، هذا بشهادة الناس كلهم، الكل يقول لي: تغيرت كثيرا يا شعبان. فأرد عليهم: بورفو.. أبقى هكذا بعد رمضان. كنت أشعر أن معاملاتي تحسنت وسلوكي تغير.. لما قلت هذا لزوجتي بأن سلوكي تبدل قالت: واش من تريسيان بدل لك السلوكة؟ يخصك تبدل الباتري (تقصد العقل بالكامل). قلت لها: راني فورماطيت الديسك دير، كان معمر فيروسات نتاع الدنيا، راني دخل لوجيسيال ينيطوايي كل الملفات ويمنع كل الفيروسات نتاع المجتمع والناس والشيطان.. رمضان فورماطالي الديسك، ويخصك أنت تفورماطي مش غير الديسك؟ كل الديساكات الـسي والـدي ونهار اللي تبلعي فمك من هذه الأغنية الخانزة نتاع دي دي اللي حتى مولاها ما يعرفش معناها، نقدر نقول لك: الديسك دي راه تنظف.. تفورماطا.. ونهار تحبسي من الهدرة والتنقريش، هذاك النهار يكون الديسك سي هو الآخر قد شفي من الفيروسات اللي فيه. قالت لي: وهذا الثرثرة اللي راك ما شي وتزيد فيها، واش من ديسك راك مخزنها فيها.. قلت لها: راني مخنزها في سيدي، قال لي: سيدي الشحمي (تقصد مستشفى ألأمراض العقلية بوهران)..

عندها، كدت أن أعود لأصولي التاريخية وأطير عليها من الجيافة أخنقها وأفطر على يمات يماها.. قبل الإفطار، بها بجراها!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • بدون اسم

    مقامة ولا مقامة بديع الزمان. حبذا تختمها بميساج موراليست ينتفع به واحد من اللي يقراولك تدي به اجر