-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
50 ألف "دودانة" و38 ألفا منها غير مطابقة

المُمهلات العشوائية والحفر تحصد الأرواح

راضية مرباح
  • 1093
  • 0
المُمهلات العشوائية والحفر تحصد الأرواح
أرشيف

كل سائق مركبة له قصة مع مشاكل الطرقات، وبالخصوص مع حفر الطريق والممهلات العشوائية، التي انتشرت كالفطريات.فلا يكاد طريق بحي أو شارع، يخلو من “جبل” إسمنتي مزروع هنا وهناك، وبتضاريس وارتفاعات مختلفة. فمنها ما يلامس أسفل هيكل السيارة، ومنها ما يجعل المركبة تطير في الهواء، وبعضها عبارة عن مسامير ومطاط.
وجميعها تشترك في أمر واحد، وهو إلحاقها أضرارا بالسّيارات، شأنها شأن الحفر التي أزهقت أرواحا كثيرة مؤخرا. والسؤال المطروح: أليس المفروض أن ترفع قسيمة السّيارات الغُبن عن السائقين، باستعمال أموالها في إصلاح الطرقات المهترئة؟
من ممهلات المدارس إلى الموجودة في الأحياء والأحواش، والخارجة عن المحيط السكني الحضري، التي تتكاثر، رغم تواجد بعضها بالطرقات السريعة أو الرئيسة. ولنا أن نتصور الحالة الذهنية لسائق، أثناء تغيير السرعة كل 10 أو 5 دقائق من السير، عندما تقابله “دودانات” بحجم الجبال، قد لا تسبقها أي إشارة لتخفيف السرعة، خاصة ليلا، مع ما تعرفه حالة الطرقات من اهتراء وانتشار للحفر وتطاير الزفت بسبب قدمه وعدم إصلاحه. والظاهرة تنعكس سلبا على حالة المركبات، التي تتعرض قطع غيارها للتلف، في ظل الغلق للاستيراد. ليبقى السؤال المطروح: إلى متى تبقى حالة طرقاتنا على هذه الوضعية؟ في مقابل استمرار فرض قسيمة السيارات، التي لا يمكن لها في مثل هذه الأوضاع، إلا أن تكون بطاقة لتزيين زجاج السيارات ليس إلا؟

ممهلات عشوائية في طرق سريعة بأيادي مواطنين
يقدر عدد الممهلات عبر الطرقات بـ 50 ألفا على المستوى الوطني، من بينها قرابة 38 ألفا لا تستجيب للمعايير التقنية والشروط القانونية، بحسب تقديرات وزارة الأشغال العمومية والنقل، منها التي تُنصب من طرف الجهات المعنية عند الضرورة، لا سيما بالمناطق الخطيرة. والبقية ينشئها مواطنون قرب مساكنه أو أحيائهم، أو حتى بالطرقات الولائية والرئيسة والسريعة منها. وبعض الممهلات تم تشييدها، بعد احتجاج المواطنين، إثر تسجيل حوادث مرور مميتة بالمكان.

ممهلات دون مقاييس للأسواق الفوضوية
سنّ المشرع الجزائري قوانين لتنصيب الممهلات وذلك بمقتضى المرسوم التنفيذي رقم 05 – 499 المـؤرّخ في 27 ذي القعدة عام 1426 الموافق 29 ديسمبر سنة 2005، الذي يحدد استعمال الممهلات والشروط المتعلقة بوضعها وأماكنها.. غير أن الواقع لا يظهر هذا التنظيم قط.
وبحسب تصريح المهندس المعماري من ولاية تيبازة، عبد الكريم. م، فإن “العشوائية تبقى سمة تشييد الممهلات في بلادنا، سواء كانت داخل المدن أم خارجها، وحتى تلك التي تنجزها مصالح البلديات “.
وبحسبه، يظهر ذلك جليا في عدم احترام المقاييس المعمول بها، التي تحدد نوعين من الممهلات، النوع الأول مُحْدوْدب والثاني في شكل شبه منحرف. والمقاييس العلمية تحدد طول الممهل بـ4 أمتار، وارتفاع قدره 10 سم مع بداية تحميل تقدر بـ5 ملم. وهو الارتفاع الذي يسمح بمرور المركبة دون حدوث صدمة، ودون أن يلحق بها أي ضرر. مع اشتراط وضع الإشارات التي تشير إلى وجود ممهل.
وهي مواصفات تفتقدها مجمل الممهلات عبر الطرقات، فمنها ما يُنجز عشوائيا من طرف سكان الحي أو الحوش بعد تسجيل حادث مرور خطير بالمنطقة، ومنها ما تنجزه السلطات المعنية. غير أنها لا تتوافق والمقاييس المعمول بها. أما البقية فتوضع من طرف بعض السكان أو تجار الطرقات، بغرض إنشاء أسواق عبر الطرقات، لضمان تخفيف المركبات سرعتها، حتى يتسنى لهم التسوق من أصحاب الطاولات المنصبة على حواف الطرقات السريعة.

تزيد الحوادث وملوثة للبيئة ومُهدرة للوقت والمال
اعتبر رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية والأمن عبر الطرقات، علي شقيان، أن الممهلات الفوضوية تشكل ما يفوق نسبته 70 بالمائة، مع افتقادها لمعايير السلامة المرورية. وبحسب تصريحه لـ ” الشروق”، فالممهلات وجدت في الأصل لحماية وتنبيه السائقين، من أجل تخفيض السرعة بمواقع خطيرة.
وأضاف أن كل القوانين التي سنت لأجل الممهلات، ومناشير وزارية لإعادة النظر في تثبيتها “سقطت في الماء، وتحولت الممهلات إلى مصدر خطر على الطرقات، لغياب المراقبة ولا مسؤولية المواطنين، الذين يقومون بتثبيتها بطرق عشوائية، دون اللجوء إلى السلطات، عبر تقديم طلب مسبق “.
وأشار مُحدّثنا إلى ازدياد حوادث المرور بالمناطق السكنية حديثة النشأة وقرب المحلات والأحواش، لتتحول إلى كابوس، يكبّد السائق خسائر، بسبب الأعطاب التي تلحق بمركباته والدولة، نتيجة ارتفاع فاتورة استيراد قطع السيارات، زيادة على المغشوشة منها، كما تساهم -حسبه- في تضييع للوقت بقطع مسافة قصيرة في مُدة طويلة، زيادة على التلوث البيئي لاستعمال المكابح بكثرة، وتضييع الوقود أكثر في الطرقات. وهو ما يستدعي ضرورة إعادة النظر ووضع الممهلات وفق مقاييس مدروسة، ومعاقبة المخالفين بتطبيق قوانين الردعية.

مستودعات الميكانيك.. عشرات الأعطاب بسبب الممهلات
ويؤكد أصحاب مستودعات تصليح السيارات، أن غياب مقاييس تقنية في وضع الممهلات، أثر سلبيا على الهيكل السفلي للمركبات، مع إلحاق أضرار بالعجلات.
وبدورها، باتت الحفر على مستوى الطرقات، تشكل خطرا داهما على مستعملي الطرق، فكثير منها تسببت في حوادث مرور مميتة، في ظل غياب الصرامة والتحقيقات الميدانية، وبعض تلك الحفر تتسبب فيها، أشغال تنجزها شركات.
وشهدنا مؤخرا، حادثا مميتا على مستوى الطريق السريع الرابط بين بوسماعيل والعاصمة، راح ضحيتها لاعب الفريق الوطني للمحليين.
وأوضح رئيس الأكاديمية الوطنية للسلامة المرورية، في هذا الشأن، أن تفاقم ظاهرة الحفر بالطرقات البلدية أو الولائية، أصبحت أكثر ما يتسبب في حوادث المرور. وأشار، الى افتقاد المناطق الداخلية، لازدواجية الطرقات، التي عادة ما تسجل بها أكبر عدد من الحوادث لافتقادها للمعايير والمقاييس المعمول بها، مشيرا إلى إنشاء لجان مشتركة تسهر على إزالة الممهلات العشوائية والوقوف على النقاط السوداء وإزالة الحفر.

عرقلة المرور بسب تهيئة وصيانة الطرق عشوائيا
وتتماطل السلطات المحلية، في إعادة تزفيت الطرقات حتى السريعة منها، ما يتسبب في تسجيل أعطاب بالسيارات، وحوادث مرور. وأشار شقيان، لوجد كثير من الطرقات تعرف صيانة ولكن دون مراقبة تواصل الأشغال. وقال: “من الضروري، إجراء عمليات تهيئة وصيانة الطرقات، في ظرف وجيز، مع اختيار توقيت مناسب للأشغال، لتجنب تعطيل حركة المرور، مع إرفاقها بإشارات التنبيه تجنبا لحوادث المرور.

أين تذهب أموال قسيمة السيارات؟
ويتساءل المواطنون عن دور أموال قسيمة السيارات المفروضة على أصحاب المركبات سنويا، مع ردع المخالفين الذين لا يعلقونها بالزجاج الأمامي للمركبة، في مقابل الحالة السيئة للطرقات.
ويؤكد سائقون لـ “الشروق”، أنه من غير المعقول دفع اشتراكات سنوية مقابل طرقات مهترئة. حيث أشارت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك في منشور سابق لها، أن 20 بالمائة من أموال قسيمة السيارات، تذهب للصندوق الوطني للطرقات والطرقات السريعة، و30 بالمائة منها مخصصة لصندوق التضامن والضمان للجماعات المحلية، أما 50 بالمائة المتبقية فتذهب إلى ميزانية الدولة. وتصل مداخيل هذه الضريبة، إلى أكثر من 11 مليار دينار جزائري، بحسب ما يتداوله مختصون.
ويشدد شقيان، على ضرورة الإسراع في تطبيق الإجراءات الصارمة، المترافقة مع ترسانة القوانين، التي سُنت لغرض ملاءمة الطرقات للمعايير وجودتها، مؤكدا على ضرورة المتابعة الدورية لها، خاصة وأن “المواطن تُفرض عليه قسيمة للسيارات، من شأنها توفير طريق ملائم وضمان خدمة في المستوى”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!