-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

النساء بين “السين” و”الصاد”

النساء بين “السين” و”الصاد”

في الوقت الذي خصّ القرآن الكريم المرأة بسورة النساء، وجعلها شريكا أبديا للرجل، في رحلة الحياة الشاقة، منذ حواء إلى يوم الدين، فضّل بعض الناس البحث عن صورة النساء الشكلية، التي تجعل المرأة صورة وصوتا من دون قيم، فارتضوا الاحتفال بها في يوم واحد غربي، وليس في عمر كامل إسلامي، وجرّوها نحو مزيد من العبودية، فارتضت المازوشية من دون أن تدري. ولا نفهم كيف لنساء عاقلات، يرتضين قانونا يسجن أزواجهن لعدة سنوات في حالة ضربهن، وهنّ الأعلم بأن السجين إنما يفقد حريته لبعض الوقت ويضع أسرته في جحيم كل الوقت، ولا نفهم لماذا لا يعالج البرلمانيون أسباب وهن المجتمع، ويصادقون على الردع، والمنطق يقول بأن نواب الشعب يُنتخبون ويتقاضون أجورهم من أجل إيجاد الحلول لمشاكل المجتمع، وليس من أجل رفع أيديهم لحلول جاهزة، تُقترح عليهم من هذا الوزير أو ذاك.

وتعلم المرأة بأن الضرب لم يكن أبدا جريمة، فهناك رجال يحتقرون زوجاتهم ويحكمون عليهن بالأشغال الشاقة مدى الحياة إلى أن يتذكرهن الموت، ويقهروهن بالخيانة وبالتهميش، من دون أن يلمسوهن سواء بالضرب أم بالمداعبة، ولا يطالهم السجن ولا حتى اللوم، بينما قد يخطئ آخرون في لحظة عصبية، فيجد نفسه خلف القضبان، ويترك زوجته وأبناءه من دون نفقة الطلاق التي أقرّها الإسلام، وواضح أن البحث عن القوانين الجاهزة القادمة من أوروبا ومن فرنسا على وجه الخصوص، قد أوقع المشرّعين في الكثير من الأخطاء، لأن ما بين مجتمعنا وبقية المجتمعات مسافة شاسعة، يدركها الجميع.

ولنا أن نتصور شجارا ما بين زوجين، ينتهي بثورة رجل وضرب مبرح تتلقاه المرأة، يليه تنقل الزوجة إلى الطبيب الشرعي من أجل تدوين الجروح التي تعرضت لها، ثم تتنقل إلى محام لمتابعة قضيتها، وانتهاء بالوقوف في المحاكم بين محام يحوّلها إلى ملاك، ونائب عام يحوّل أبا أولادها إلى شيطان، وفي خاتمة المعركة الطبية والقضائية، يزج بالزوج الذي ربما قد اختارته دون كل الرجال في غياهب السجن، ليتركها تصارع حياة تنقلها من ضرب زوجها وسوطه، إلى أنياب الشارع وسطوته، في مجتمع مازالتالأعراش والعروشتصنع حياته السياسية والاقتصادية، من عين صالح إلى تبسة، فما بالك بالاجتماعية.

لقد تمنى الشيخ عبد الحميد بن باديس في مقولته الشهيرة، أن تلد لنا النساء رجالا يطيرون، لا أن تطرن، وولدن فعلا بعد أربع عشرة سنة عن وفاته لنا رجالا طاروا وصنعوا المعجزات، ولكن يبدو أن الزمن القادم سيكون لنساء طائرات أخلاقيا وليس علميا، بالرغم من أن المثل الفرنسي الشهير لا يمنحهن حتى كفاءة الطيران، عندما يقول بأنه يمكن للنسر أن ينزل إلى مكان أسفل من مكان إقامة الدجاجة، ولكن الدجاجة لا يمكنها أن تطير إلى نفس مستوى طيران النسر.

 

في كل ثامن من مارس، تتكرّر نفس مشاهد الاحتفال بحثا عن أجمل امرأة وأكثرهن أناقة وربما إثارة، وعن المتفوقة طبخا وخياطة ورقصا وغناء، فحدث الفارق الكبير بين سورة النساء الخالدة، وبين صورة النساء الزائلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • عبد الناصر

    الله يعطيك العافية موضوع رائع لمن يفهمه