بدل الخصام والتعنيف

بعيدا عن الأساليب التقليدية في الصراع بين الزوجين، ابتكر الرجال أساليب جديدة لإغاظة الزوجة والوصول إلى عصارة مشاعرها، بدل الدخول معها في نقاش عقيم، قد يفضي إلى ما لا تحمد عقباه، أو التجرؤ على تعنيفها ثم دفع ثمن ذلك غاليا.

اللعب على وتر الغيرة ينقذ بيوتا من الغرق

محمد، شاب في السادسة والثلاثين من العمر، متزوج منذ ثلاث سنوات، زواجا تقليديا، يروي معاناته اليومية مع شريكته المتطلبة، وأسلوبه الناجع في تقويم سلوكها: “.. عمر زوجتي 24 سنة، كانت نكدية جدا، مهملة لشخصها وبيتها، ومتطلبة بشكل استفزازي، أحيانا كنت أصل إلى صفعها أو تسديد وابل من الشتائم، لكنني أتراجع في اللحظة الأخيرة، فشعرت بأن ذلك ضعف مني..” ظل محمد يعاني سوء المعاملة في بداية زواجه، يقول: “إلى أن أرشدني صديق بأن أستعمل التأثير النفسي علها تتغير، وبدأت أعاملها بالمثل، أهمل أناقتي في المنزل، وأغتسل وأهتم بهندامي عند الذهاب إلى العمل، سطرت برنامجا خاصا للنزهة مع الأصدقاء، وبدأت أشتري هدايا ثمينة لنفسي كدليل على أنني أسعدها بمفردي، وكذلك أبحث عن أفخم المطاعم أزورها من دون اصطحاب زوجتي، وأنشر صور الطعام.. وعندما بدأت تتحرك غيرتها وتشعر بالخطر، بدأت تسألني عن الوجهة، فأخبرها بأنها حياتي الخاصة، وأنني مللت من النكد في المنزل..”. يشهد الله هذا الشاب على أنه لم يقم بأي تصرف غير سوي، غير أن زوجته بدأت تتغير بسرعة، خوفا من فقدانه، يحركها في ذلك غيرتها، وفكرة أن شريكها قد يرتبط بأخرى.

تقول الأخصائية النفسية مريم بركان: “لا يجب أن نصب جام اللوم على الرجل، فأحيانا تصرفات المرأة ونمط حياتها، هو ما يقود البيوت إلى الدمار، وهنا يظهر دور الرجل الذكي في تحريك مشاعرها واستشعارها الخطر، دون اللجوء إلى التهديد أو العنف..” .

الصور والستوريهات عندما تستخدم التكنولوجيا لتسيير الأزمات الأسرية

يقول خير الدين، 52 سنة، صاحب مطعم للأكل الجاهز بالبليدة: “عندما تغضبني زوجتي، ألبس أجود ثيابي الرياضية وأخرج للنزهة أو التمارين مع أصدقائي، لا أرد على اتصالاتها المتكررة، وأستمر في نشر الصور والستوريهات على حساباتي، وإثبات أنني أقضي وقتا ممتعا بعيدا عن صراخها وعتابها، وهذا يجعلها تشعر بالغضب والقلق وتحاول إرضائي بسرعة..”، بينما ترد بعض النساء على مثل هذه التصرفات بالتجاهل ويتجاوزنها دون إعطائها الأهمية، أو أن يصنعن منها مشكلا جديدا، تقول رهام، طبيبة أسنان: “من أساليب زوجي للتهرب من بعض المسؤوليات أو للانتقام جراء خناق اختلقته أنا أو الأطفال، أن يتركنا في المنزل نهاية الأسبوع ليسافر إلى وجهات مجهولة، ويغلق هاتفه وجميع وسائل الاتصال به..” صديقات رهام ونساء من العائلة أقنعنها في البداية بأنه متزوج بأخرى لا محالة، وأنه يزورها إذا سئم، فزادت مشاكلهما أكثر، تقول رهام: ” إلى أن استفقت وتأكدت بمفردي من أن تلك هي المساحة الخاصة التي يهرب إليها زوجي تفاديا لتعميق الخلاف، فعادة بعد عودته ينشر صورا لرحلاته في الجبال والطبيعة رفقة أصحابه، فبدأت أتجاهل الأمر، ولا أعاتبه على غيابه، بل أخرج رفقة أبنائي إلى الحدائق أو مدن الألعاب، ونستمتع بوقتنا.. بمرور الشهور، أصبح زوجي يفضل أن يرافقنا، وتخلى عن عاداته السيئة في إغاظتنا، بل تحول الحوار إلى حل لجميع خلافاتنا الأسرية”.

المرأة الذكية.. تنتبه وتتجاهل

تنوه الاستشارية النفسية والأسرية، الأستاذة نفيسة تسورتاتين، إلى أن المرأة العاقلة تستطيع تسيير هذا النوع من الأزمات، ورسم حدود وهمية للشريك، لا يمكنه من خلالها المساس بمشاعرها وممارسة الحرب النفسية عليها، وذلك من خلال تجاهل التصرفات الغريبة التي يبديها الزوج، والتعامل معها ببرود تام، حتى وإن بلغت أشد غيرتها وحيرتها، عليها التحكم في انفعالاتها وردود أفعالها، واتخاذ مواقف صارمة حيال ذلك، تجعل الزوج يتوقف تلقائيا عن محاولة إثارة غضب وغيرة زوجته، واستبدال ذلك بالسعي لاحتوائها.