-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
محمد الأمين بحري يقيّم الإنتاج الدرامي الرمضاني:

بعض الخيارات الإخراجية قمعت طاقات عملاقة والسيناريو أكبر المشكلات

زهية منصر
  • 393
  • 0
بعض الخيارات الإخراجية قمعت طاقات عملاقة والسيناريو أكبر المشكلات
أرشيف

منتجون ومخرجون لا علاقة لهم بالإبداع الجزائري ويلجؤون لسرقة الأجانب
النقاد منشغلون بوضعهم المادي ومهاترات الفايسبوك

يتوقف الناقد محمد الأمين بحري في هذا الحوار عند الشبكة البرامجية في رمضان خاصة الإنتاج الدرامي، حيث يرى الدكتور بحري أن أغلب الإنتاجات الرمضانية للعام لجأت إلى استنساخ الأعمال الأجنبية رغم وجود منجز إبداعي جزائر بإمكانه أن يوفر مخزونا لكتاب الدراما يجعلهم يقدمون أعمالا تناسب البيئة الجزائرية.

تحدثت عن استسهال الكتابة أو السيناريو.. في رأيك هل الإبداع الجزائري من قصة ورواية لا يلبي حاجة كتاب الدراما حتى يلجؤون لاستنساخ السيناريوهات الأجنبية؟
أعتقد بأن المعالجة الدرامية للأجناس السردية اقتباسا واستلهاما.. ليس هو تماما كتابة السيناريو.. هنا الحلقة المفقودة التي أعتقد أن كتاب السيناريو الحاليين لا يريدون دخولها.. لكي لا أقول لا يعرفون… لأنها ستصنف عملهم ضمن الكتابة الاتباعية فيعتقدون خطأ بأنه نصّ من الدرجة الثانية، بينما هم يريدون أن ينسب النص إليهم لا إلى كاتب آخر.. بالإضافة إلى دخول العمل تحت طائلة حقوق المؤلف وما يجلبه لهم من شراكة ورسوم معه، وما أستغربه فعلا هو اللجوء إلى الانتحال أو استنساخ سيناريوهات أجنبية على الاقتباس من نصوص نثرية محلية تعد الجزائر رائدة فيها عربيا على الأقل.
أما من جهة المنتجين والمخرج فلم أسمع يوما من أحدهم التكلم عن السرد الجزائري، وأعتقد أنها حلقة مفقودة أخرى وأن هؤلاء منشغلون بما يجري في فنونهم دون أن يكلفوا أنفسهم الاطلاع على المنجز السردي الذي يتوج كل عام عربيا ومحليا، وما يقال على الدراما يقال عن المسرح والسينما التي لا علاقة لأهلهما بالفنون الروائية والقصصية، وهذا الفصم الحاصل بين الفنون يجعل جميع الجهود الفردية والمتقوقعة على مجالاتها جهودا ضائعة، والسبب الخفي والمعيب الذي يجب أن نصارح به بعضنا، ليس فقط عدم التواصل بين مبدعي مختلف الفنون التأليفية والسمعية البصرية فقط بل مشكلتهم الواضحة أن أهل الفنون السمعية البصرية لا يقرؤون نصوصا خارج دائرة تخصصهم. وأهل الفنون التأليفية لا يشاهدون المنتجات الفنية، والنتيجة هي انهيار تسلسلي وعقم تدريجي لما نشاهده في جميع تلك الفنون نتيجة هذه القطيعة التي أسميها قطيعة التلقي والاطلاع الجواري.

في اعتقادك لماذا يغفل عادة المخرجون عن جانب إدارة الممثلين؟
حول إدارة الممثلين.. لا أعتقد بأن الخلل في عمل المخرجين. أبدا. بل الخلل الكبير في ضعف السيناريوهات المطروحة بين أيديهم. والتي يبدو أن خياراتهم ضعيفة فيها.. أو أنهم لم يجدوا غيرها. أو أنهم يفضلون الاشتغال مع أسماء، بعينها ظلت تتكرر أساليبها الموحدة على المشاهد الجزائري.. فيما يشبه عمل الشلة التي ينتظر فيها المخرج أو المنتج عملا سيناريستيا ما لدخول شبة الدراما الرمضانية وانتهى، والنتيجة هي المشاركة من أجل المشاركة على حساب الفرجة. ولكي نكون أكثر صراحة، فإننا نجد ممثلين كبارا أو لنقل مكرسين إعلاميا في أعمال ضعيفة السيناريو، فيؤدون أداءً ضعيفا ولا تبرز قدراتهم، مثل سيد احمد أقومي في “عاشور العاشر”.. ومراد صولي في السلسلة الكوميدية “كويشة”.. لدرجة أن المشاهد يظن أنهم ليسوا هم من شدة ضعف الأداء.. وخطاب الأدوار. بينما وجدنا ممثلين جددا. لم نسمع بهم من قبل. وأبهروا المشاهد مثل فريق “بنت البلاد” أو “سبع حجار”..
والإشكال كما قلت ليس في الممثلين بل في قوة السيناريو الذي، يظهر قدرات الممثل. أو يقتلها..
كما أن الخيارات الإخراجية قمعت كثيرا من الطاقات العملاقة وهمشتها في أدوار ثانوية أو نصف أدوار. إن صح التعبير، بينما قدمت أدوارا رئيسية لممثلين عديمي الأهلية لأسباب لا يعلمها إلا الله والمخرج.. وهذا واضح يكاد ينطق.. في معظم الأعمال الرمضانية..

عرف الموسم الدرامي عندنا مشاركة قوية لأبناء الخشبة أو القادمين من المسرح مقارنة بالسنة الماضية.. ما هو انطباعك حولهم؟
لا يخفى على أحد بأن المسرح هو المدرسة الكبرى للدراما، بل أقول إنه لولا التكوين والممارسة المسرحية لما شاهدنا ممثلين كبارا في الدراما.. فمن أين جاء سيد احمد أقومي وبلاحة بن زيان وحميد عاشوري وغيرهم..؟؟
والأسماء لا حصر لها… وما نزال نكتشف يوميا ممثلين مسرحيين يقدمون للدراما بدائع الأدوار، مثل محمد فريمهدي، محمد كعوان، في مساسل “يما” ومحمد طاهر زاوي في مسلسل “مشاعر”.. ورانيا سروتي وفوزي بن براهيم في مسلسل “يما” والجيش المسرحي لـ “دقيوس ومقيوس” الذي زحف على هذه السلسلة في رمضان الحالي مثل: فوزي بن السبع. علي جبارة.. محمد جهيد دين الهناني. مراد صولي، ومحمد بن بكريتي في سبع حجرات وغيرهم. ومفاجأة رمضان لجمهور هذا العام كانت بلا منازع في سلسلة “بنت البلاد”.. مع لبنة نوي وخاصة الوجه الذي نتفاءل بذهابه بعيدا والذي يعتبر اكتشاف الموسم هو الممثلة براح نوارة التي لعبت دور “أم الخير” وتعلقت بها أنظار الجمهور حد الإدهاش، ما يمكن أن نسميه الوجه الدرامي لهذا الموسم.. بامتياز.
هذا مع تسجيل تفاوت في الأداء والقدرات، فليس التمثيل على الخشبة هو نفسه أمام الكاميرا واستديوهات التصوير. وللأسف، شاهدنا بعض ممثلي المسرح من ليست لهم القدرة على التعامل مع غير الخشبة، وشاهدناهم يؤدون لعبا مسرحيا في استوديو تصوير درامي، وهذا من جراء التجريب ومنح الفرصة من جهة والإقحام المحسوبي من جهة ثانية.

لا نجد هذه المتابعة على غرار ما هو موجود في مصر مثلا.. هل أزمة النقد مرتبطة بأزمات أخرى في السيناريو. والإخراج وغيرهما؟
فعلا هناك ارتباط بين الفنون ونقدها وما هو حاصل عندنا هو تغيب للنقد من دوائر الإبداع، والفن تحوّل إلى غياب وهجران النقاد للساحة الفنية..
ولولا اشتغال الناقد الأكاديمي بمذكرات تخرجه ومقالاته التي تنفعه في الترقية والتأهيل والمناقشة، لما وجدنا هناك من يدرس هذا الزخم المتراكم من المنجزات الإبداعية والفنية في الأدب والمسرح وفنون السمعي البصري..
ومن حق الساحة الإبداعية والفنية أن تحتج لعدم تناول منجزاتها بالنقد.. لأن النقاد منشغلون بما يرتد بالنفع المادي على حياتهم الخاصة.. سواء، بالتدريس أو التكوين المتخصص وتركوا ساحة الفن والأدب لبعض المهاترات الفيسبوكية…
الوضع مأساوي حين نتحدث عن تغييب النقد وغياب النقاد.. ولهم أسبابهم في ذلك لأننا لا نملك إلا جهودا واجتهادات فردية هنا وهناك تسخّر وقتها للنقد الاحترافي خارج ميدان عملها لإثراء الساحة الثقافية، لكن للأسف هذه الجهود لم تستطع تشكيل تراكم يسمح بوجود ساحة سجال نقدي..
وما أتأسف له حقا هو غياب النقاد من ذوي الانتساب الأكاديمي عن الساحة ماعدا أسماء مثل السعيد بوطاجين ومخلوف عامر ولونيس بن علي وعابد لزرق ومحمد تحريشي وعبد القادر ضيف الله وعبد الحفيظ بن جلولي، وكثير من الأسماء التي تخصّص من مجال عملها وقتا لدراسة المنجزات ونشرها.. وليغفر لي من لم أذكر أسماءهم على قلتهم. لكن على العموم حال النقد الأكاديمي من حال الجامعة وظروفها التي لو اطلعنا عليها لعذرنا غيابهم بألف عذر..
لكن على العموم لا مبرر لتغييب النقد وغياب النقاد في بلد يملك تراكما إبداعيا وفنيا، وساحة ثقافية وإعلامية متفاعلة مع كل منجز، ومحرومة من سجال نقدي يناقش ويقيم الإبداع ويتوقف عند فتوحاته وهناته ويرصد جديد ظواهره ومنجزاته، وأتأسف لكل منجز إبداعي وفني لم يجد من يدرسه أو ينقده فنيا، لتبقى الكثير من المنجزات دون تقييم ولا دراسة ولا نقاش ولا صدى إعلامي، مما يقد يتسبب في توقف الإنتاج أو هجران الميدان، ولم يكن ذلك ليحدث لو كانت الساحة النقدية حية ومتفاعلة وحركية في الميدان..

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!