-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بكالوريا لـ”صوفيان” و”صارة”!

حسين لقرع
  • 2373
  • 1
بكالوريا لـ”صوفيان” و”صارة”!

للسنة الثالثة على التوالي، مُكِّن عشراتُ الآلاف من الطلبة الحاصلين على معدّلات تقلّ عن عشرة، من الحصول على البكالوريا، من باب الظرف الاستثنائي الذي أملاه مرضُ كورونا.

لا شكّ أنّ قرار تخفيض معدّل النجاح في البكالوريا إلى 9.5 فقط هذه السنة، قد أثلج صدور الطلبة الذين تمكّنوا من الانتقال إلى الجامعة بهذا المعدّل، وسرَّ عائلاتِهم، لكنّ المسألة لا تتعلق بإدخال البهجة إلى القلوب وإلا كان من المفترض أن يُسمح لجميع طلبة الثالثة ثانوي بالانتقال إلى الجامعة ولو بمعدَّلاتٍ متدنية.. المسألة تتعلق بالمستوى الدراسي والمعرفي، والاستحقاق والجدارة، ونوعية تكوين إطارات المستقبل ومستواهم، لذلك كان ينبغي احترامُ الصرامة العلمية في هذا الجانب، بعيدا عن العواطف.

وما دام القرارُ قد اتّخِذ وظهرت النتائج الرسمية للبكالوريا، فلا مجال للتراجع الآن، ولكنّ هذا لا يمنعنا من توجيه نصحٍ رفيق للقائمين على شؤون التربية والتعليم في البلاد، آملين أن تكون هذه هي المرة الأخيرة التي يُسمح فيها للطلبة الحائزين على معدّلٍ أقلّ من عشرة بالظفر بالبكالوريا والانتقال إلى الجامعة، وأن نعود في العام المقبل إلى الوضع الطبيعي حفاظا على ما تبقّى من هيبة البكالوريا الجزائرية، داخل الوطن وخارجه.

نقول هذا الكلام لأننا نخشى أن يتحوّل الاستثناءُ إلى قاعدة بذرائع شتى، وإلى مكسبٍ للطلبة المرشحين للبكالوريا كل سنة، فيطالبوا بتخفيض معدّل النجاح كل عام إلى 9.5 من باب تكافؤ الفرص مع الدفعات السابقة. وبهذا الصدد، نتذكّر كيف كادت العتبة تتحوّل من استثناءٍ أملته كثرةُ إضرابات الأساتذة في السنوات الماضية إلى قاعدة، بسبب ضغط طلبة البكالوريا الذين كانوا يخرجون قبل نهاية كل موسم دراسي بأسابيع إلى الشارع للضغط على وزارة التربية ومطالبتها بإقرار العتبة للمساواة بينهم وبين الدفعات السابقة.

لا أحدَ يجادل في مدى التدهور المتواصل للمستوى التعليمي ببلادنا منذ التسعينيات تقريبا، والمفارقة أنّ ذلك تزامن مع الارتفاع المستمرّ لنسبة النجاح في البكالوريا مقارنة بالعقود الثلاثة التي سبقتها، وسرعان ما اتّضح أنّ النِّسب كانت منفوخة آنذاك للتدليل على نجاح “الإصلاحات” التي طالما تغنّى بها وزيرُ التربية الأسبق بن بوزيد الذي قضى 14 سنة في منصبه. وقد جنت هذه السياسة على الجامعة، فأضحى يتخرّج فيها من لا يفرّق بين الفاعل والمفعول به، ثم تدهورت الأمور أكثر في السنوات الأخيرة فأصبحنا نرى متخرّجين لا يُحسنون كتابة طلب عمل، ثم انهار المستوى فأصبحنا نرى من لا يفرّق بين التاء المربوطة والتاء المفتوحة ويكتب “شُكرا” هكذا: “شُكرن”، ويكتب اسمه “صوفيان” و”صارة”…! ولكم أن تتخيّلوا كيف يمكن أن تقدّمه هذه الرداءات للبلاد وهي المرشّحة لشتى المناصب مستقبلا، وما ستقدّمه للأجيال القادمة التي يمكن أن “تتكوّن” على أيديها في مختلف المجالات؟!

لذلك كلّه نقول: إذا أردنا إصلاحا حقيقيا وعميقا للتعليم ببلادنا، فينبغي أن يكون شاملا ودقيقا وعلميا صارما لا مجال فيه للمجاملات والعواطف.. إذا تطلّب رفعُ مستوى إطارات المستقبل العودةَ إلى العهد الذي يظفر فيه ثلاثون إلى أربعين بالمائة فقط من الطلبة بالبكالوريا، كما كان الأمر خلال العقود الثلاثة التالية للاستقلال، فلنفعل من دون تردّد.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • انور جلال

    لن يكون التعليم هو الاستثناء فتعديل الدساتير و القوانين طغى على جميع الميادين