الرأي

بن باديس سبقنا بسبعين سنة

الشروق أونلاين
  • 7544
  • 1

من بين كل علماء الإسلام المعاصرين لا يوجد من قال كلمة طيبة في حق مصطفى كمال أتاتورك، وأرأفهم على كمال قذفه بالإلحاد ومعاداة الإسلام.. إلا الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي كتب رثاء مطولا عن كمال في جريدة الشهاب بعد وفاة أتاتورك عام 1938 معتبرا إياه باعث تركيا ومحررها من الغرب، ومما قاله بن باديس الذي سبق علماء عصره في تشريح الأوضاع، أن مصطفى كمال أتاتورك نزع عن الأتراك الأحكام الشرعية وليس مسؤولا في ذلك لوحده، وفي إمكانهم أن يسترجعوها متى شاؤوا وكيفما شاؤوا، ولكنه أرجع لهم حريتهم واستقلالهم وسيادتهم وعظمتهم بين أمم الأرض وذلك مالا يسهل استرجاعه لو ضاع. وفي ذات المقال هاجم بن باديس بعض مشايخ الأزهر الذين لا يتقنون سوى النقد، بالرغم من أن قانون نابليون هو مصدر التشريع في مصر، هذا الفكر الباديسي الراقي في معالجة قضايا الأمة افتقدناه في عصرنا في كثير من القضايا، فتركيا في قضيتها مع الأكراد أبانت حريتها الحقيقية بينما كل التجاوزات في حق الإسلام التي كان بطلها أتاتورك بدأت في الزوال.. وافتقدنا هذا الفكر الباديسي في التعامل مع المسيئين للرسول صلى الله عليه وسلم الذي بدأه الشيخ بن باديس عام 1934 عندما اقتحم يهودي الجامع وسب نبينا فثارت ثائرة أهل قسنطينة فيما يعرف بحادثة جامع الأخضر، وتمكن بن باديس من معالجة القضية بعيدا عن استعراض العضلات الذي نشاهده حاليا من علماء الدين الذين فتحوا المجال ليتحول نبي الإسلام إلى مادة كاريكاتيرية لا تتوقف لدى كثير من الشعوب وحتى الحكام.وافتقدنا هذا الفكر الباديسي في التعامل مع الغزاة والظالمين الذين استباحوا دماء الأطفال في غزة وحولوها إلى هولوكوست جديدة..

وافتقدناه أيضا في حياتنا الإجتماعية التي تبدأ بأحداث “الحراڤة” والإغتصاب وتنتهي بأحداث الإختطاف والتنكيل والقتل، مازال بعض الشباب عندنا يستورد سلفيته من مراجع وعلماء خليجيين وأفغان والشيخ بن باديس كان يسمي نفسه بعبد الحميد السلفي، ومازال بعض الشباب عندنا يستورد حبه لآل البيت من مراجع وعلماء إيران والشيخ بن باديس لم يكتب في حياته الصلاة على محمد دون الصلاة على آل بيته، والنتيجة أننا أفقر الناس علما ونحن بلد العلماء وأفقر الأمم مالا، وأنهار النفط والغاز تجري من تحتنا ومن حولنا.

مقالات ذات صلة