بن غبريط.. رمتنا بدائها وانسلّت
إزاء الرفض الواسع الذي أبدته مختلف فعاليات المجتمع لـ”اقتراح” وزارة التربية تدريس اللهجات العامية في الابتدائي، صعّدت الوزيرة بن غبريط لهجتها واتهمت الرافضين لسياستها التربوية التغريبية الخطيرة بـ”تغليط الجزائريين” وقالت إن العربية ستبقى لغة التدريس الأولى، أما تدريس العامية فيبقى مجرد “اقتراح” لم تفصل فيه الحكومة بعد.
وبهذا التصريح ينطبق على الوزيرة المثلُ العربي الشهير “رمتني بدائِها وانسلّت“، فهي التي تقوم بتغليط الجزائريين ثم تتهم بذلك المناوئين لها.
لم نسمع أن أحداً ممن استنكر تعليم العامية، قال إن الأمر يتعلق بقرار رسمي أصدرته وزارة التربية بعد موافقة الحكومة عليه؛ فالجميع قال إن الوزارة تنوي تطبيق هذا الإجراء، إذا وافقت عليه الحكومة في اجتماعها القادم. وإذا تمّ ذلك، فسيتم تطبيقه ابتداءً من سبتمبر 2015، وهذا ما قالته الوزيرة بنفسها لصحيفةٍ فرنكوفونية.
وحينما تقول بن غبريط إن العربية ستبقى لغة التدريس، ثم تقول إن العامية ستُدرّس في السنة الأولى والثانية ابتدائي، فهي لا تقوم بتغليط الجزائريين فحسب، بل تحاول أيضاً تمرير هذا المقترح الخطير بعبارات معسولة لتخفيف وطأة الصدمة عليهم، فكيف تكون العربية لغة تدريس وفي الوقت نفسه يُدرَّس الأطفال بالعامية طيلة عامين؟
لقد تحدّثت الوزيرة مراراً عن ضرورة تدريس اللهجات العامية للتلاميذ وزعمت أنها قادرة على “نقل المعرفة للتلاميذ” واتهمت ضمنيا الفصحى بالعجز عن ذلك، وادّعت أن التلاميذ لا يفهمونها ونتائجهم سيئة فيها، ولذلك ستتخذ العامية وسيلة لـ“تقريب الفصحى من التلاميذ“.. أبعدَ كل هذا تتهم الوزيرة الرافضين لهذا “الاقتراح” الخطير على اللغة العربية، بتغليط الجزائريين؟!
وعندما تؤكد الوزيرة أن “الضجيج المثار حول الموضوع لن يثني سعيها إلى إصلاح المنظومة التربوية“، فإنها تثبت في الواقع أن الأقلية الفرنكفونية العلمانية في الجزائر عازمة فعلاً على فرض إيديولوجيتها التغريبية المنحرفة على الجزائريين، وقد أعلنت الحرب على عناصر هويتهم، ولن تبالي بالرفض الشعبي الواسع للمساس بها، ما دامت تستند إلى جهاتٍ نافذة في السلطة تقف وراءها وتشدّ أزرها وتفرض توجّهاتها العوجاء على الجزائريين.
هذه الأقلية أصبحت تطبّق المقولة الشعبية المعروفة: “نلعبْ وإلا نخسّرْ“؛ فما دام الجزائريون يرفضون تعلّم الفرنسية ويفضلون عليها الإنجليزية كما تدلّ نتائجُهم في اللغتين، فإن هذه الأقلية التي تزعم أن الفرنسية “هي الأقرب إلى الجزائريين” وتعتبر العربية “أجنبية” و“غريبة” عنهم، هي بصدد الانتقام منهم عبر ضرب العربية التي يتشبّثون بها، من خلال تسليط العاميات الهجينة عليها لإفراغها من محتواها، وحينما يسمع التلميذُ في المدرسة لغة الشارع البسيطة التي اعتاد سماعها، فستنهار قيمة العربية وهيبتُها عنده ويحتقرها ولن يكترث بإتقانها… كما أن تحويل التربية الإسلامية والتاريخ إلى مادتين ثانويتين لا يُمتحن فيهما مستقبلاً سيجعله يزهد فيهما، علماً أنه مقترَح خطيرٌ آخر ينتظر أيضاً موافقة الحكومة.
لقد بات واضحا جليا اليوم أن الأمر يتعلق بمخطط تغريبي ديكتاتوري حاقد يُعَدّ الحلقة الثانية من سياسة بن زاغو، وهو يسعى إلى ضرب عناصر هوية الجزائريين في العمق من خلال “غبْرطة” الملايين من أطفالهم، والسكوتُ عن المخطط خيانة كبرى لها.