-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تحفيظ القرآن بتقنيات إنعاش العقل.. أكاذيب محتالين أم صناعة للعبقرية؟

الشروق أونلاين
  • 1737
  • 0
تحفيظ القرآن بتقنيات إنعاش العقل.. أكاذيب محتالين أم صناعة للعبقرية؟

مع حلول شهر رمضان المعظم، يزداد إقبال الصائمين على تعهد كتاب الله بالقراءة والحفظ والتجويد. وككل شأن من شؤوننا الحياتية، التي غزتها التكنولوجيا الحديثة، انتشرت دورات تحفيظ القرآن الكريم أونلاين، عبر العديد من المنصات الرقمية والتطبيقات الإلكترونية. ومع ما تضمنه هذه الطريقة المستحدثة من تسهيلات لحفظة كتابه- تعالى- وتعلم أحكامه بالنسبة إلى المنتسبين إليها، وخاصة في الشهر الفضيل، إلا أن البعض من قناصي الفرص اغتنموا هذه الفكرة للترويج لدورات تحفيظ للقرآن الكريم، يدّعُون أنها تقوم على أساس إنعاش العقل وتقنيات الذاكرة الخارقة، التي يزعمون أنها تتيح للمنتسب إليها حفظ كتاب الله كاملا، في أقل من أسبوع. فما مدى صدق ما يدعيه هؤلاء؟

دورات لتحفيظ القرآن أونلاين

في ظل تسارع وتيرة حياتنا وكثرة الضغوطات وانشغالاتنا اليومية، وجد الكثير من الجزائريين في دورات تحفيظ القرآن الكريم وتعلم أحكامه أونلاين فرصة مناسبة، للموازنة ما بين شؤون الدين والدنيا. ومع زيادة الإقبال عليها، زاد عدد منظمي مثل تلك الدورات، مثلما هي الحال مع الأستاذ إبراهيم الداوي، أحد تلاميذ الشيخ محمد سيدي بلكبير بزاوية أدرار، الذي أنهى كما يقول: “سنة متواصلة من هذه الدورات التدريبية، لتحفيظ كتاب الله- تعالى- عبر تقنية الزوم، التي تعرف إقبالا لا بأس به من قبل الراغبين في حفظ كلامه- عز وجل- من منازلهم. نكاد نصل إلى 2000 منتسب، من الذين نُدربهم، خلالها على حواجز ومستويات الحفظ التي تزيد بزيادة عدد الصفحات في الزمن المحدد. والحمد لله، هذه الطريقة عملية جدا، وأوصلتنا إلى نتائج جيدة. فقد تمكّن 66 منتسبا من ختم القرآن الكريم، في أقل من سنة. وهذا، كله، بفضل الله ثم بسبب تحرّينا للإخلاص والابتعاد عن الذهنية التسويقية أو الربحية في عملنا، لكوننا نتعامل مع كتاب الله- تعالى-. وهذا، ما يجعل مصاريف الاستفادة من دوراتنا رمزية، مقارنة بالتكاليف التي نتكبّدها كمنظمين لها.”

تدريبات لإنعاش العقل وتقوية الذاكرة الخارقة

وبالموازاة مع ذلك، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مناشير إشهارية وترويجية، شبه مماثلة لما سبق ذكره. ولكن، بشعار: “كيف تحفظ القرآن كاملا في أقل من أسبوع؟” مع عرض اعترافات لأشخاص تقارب سن بعضهم ثمانين عاما، يزعمون خلالها أنهم استطاعوا بفضل انضمامهم إلى تلك الدورات التي تتم أونلاين، حفظ كتاب الله كاملا في أسبوع أو عشرة أيام أو في أربعة أيام أحيانا.

تواصلنا مع بعض هؤلاء، لنستوضح حقيقة هذه المعجزة التي يزعمون القدرة على تحقيقها للمنتسب لهذه الدورات التدريبية، التي تتراوح تكاليفها ما بين 1000 إلى 6000 دينار جزائري للشهر، وتتم عبر غرف الزوم أو التيلغرام والمسنجر وحتى الواتساب. فأكدوا أن الوصول إلى تلك الذاكرة الخارقة يكون بعد القيام بمجموعة كبيرة من التدريبات العقلية، لاكتساب مهارات الحفظ السريع وتقوية الذكاء وصناعة العبقرية عبر أساليب مبتكرة لتنشيط الذاكرة 100 ضعف، حتى يصل المتدرب إلى حفظ كتاب الله كاملا في أسبوع. أو لحفظ صفحة منه في دقيقتين.”

في حين، إن مُدربا آخر بهذه التقنيات، أكد لنا حين سألناه توضيحها: “لا أحد من المُدربين بها سيشرحها لنا. لسببين: الأول أن بعضهم أخذوها عن غيرهم وُيدربون الناس بها، دون أن تكون لديهم أدنى دراية بما هم بصدد فعله. في حين إن البعض الآخر بحثوا في هذا المجال وخرجوا بطريقة وخطة وبرامج ناجحة. وهذا النوع يعتبر حفظ الطالب للقرآن الكريم إنجازا لشخصه، ولن يكشف سرّ تقنيته تلك لأي شخص آخر.”

أكاذيب احتيالية وحيل تسويقية

سألنا الشيخ شمس الدين الجزائري رأيه في ما يدعيه هؤلاء من قدرتهم على إيصال المتدرب عندهم لقدرات عقلية تتيح له حفظ القرآن الكريم في 10 أيام، فأكد أن هذا قد يقع لأفراد خارقين، لكن ليس منهجا علميا عاما لكل الناس. وبالتالي، فهذه الطريقة كلها من الكذب والدجل.”

ونفس وجهة النظر، يحملها الأستاذ إبراهيم الداوي، الذي يؤكد أنه من المستحيلات أن يتمكن المنتسب لمثل تلك الدورات من حفظ كتاب الله في 10 أيام. ورأيه هذا بناه على تجربة شخصية، لأنه كما يقول: “شاركت سابقا في دورة من تلك الدورات التي يدّعي أصحابها القدرة على تحفيظك القرآن في أسبوع واحد أو أقل من ذلك.. ووجدت أن ذلك مجرد حيل تسويقية أو ترويجية لتلك الدورات، إذ يستحيل أن يختم المتدرب القرآن في تلك الفترة القصيرة، رغم أن هناك من السلف الصالح من استطاع ذلك.”

تعلم معاني القرآن أعظم من تعلم الألفاظ

وباعتباره دارسا لطرق حفظ القرآن الكريم، يؤكد الأستاذ أحمد. د أن: ” دورات تدريب العقل نافعة لتطوير الذاكرة وتمرينها على الحفظ، حيث إنها تساعد الإنسان على تنمية ملكاته وقدراته. ولكن، أن يحفظ المنتسب إليها القرآن الكريم في أسبوع، فهذا شيء يتطلب النظر والمراجعة. وأتحدى أي شخص يزعمه. أضف إلى ذلك، أن السرعة في حفظ كلام الله تُغيّب الدور المهم من حفظه، وهو التدبر والتمعن في أسباب نزوله وأحكامه، والتأمل في عظمة الله وآياته الكونية. فكما قال- عليه الصلاة والسلام-: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”. فكونه يتعلمه ويتدبره ويتعقله، فهذا من أهم المهمات، وتعلم المعاني أعظم من تعلم الألفاظ.”

ليلى حفيظ

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!