الرأي

تحية إلى مريم

ح.م

يوم لا تسمعونني ولا تقرأون لي تشنيعي على فرنسا، وتعداد جرائمها، فاعلموا أنني انسلخت من جلدي، وخنت الله، ورسوله، والمجاهدين، والشهداء، وأنني مسخت حتى أشبهت “قردة الجزائر”، وهم “أبناؤها” العاقون، الذين يحبون فرنسا لدرجة تفضيلها على الجزائر حتى عند موتهم، واختيارها مكانا لدفنهم. و”المرء مع من أحب”. كما قال حبيبنا عليه الصلاة والسالم.

إن أجرم جرائم فرنسا – وإن تعدوا جرائمها لا تحصوها – هي أنها منعت الجزائريين من أداء ما افترضه الله – العليم الحكيم – على الناس من طلب العلم، وذلك منذ أول آية أنزلها من هذا الكتاب الأعظم، الذي يهدي للتي هي أقوم، وما أجمل قول شوقي:

ونودي “اقرأ” تعالى الله قائلها   لم تتصل قبل من قيلت له بفم.

لقد كذب الفرنسيون، وهم كما قال الزعيم فرحات عباس: “إن الفرنسيين إن لم يجدوا من يكذبون عليه، كذبوا على أنفسهم”، ومن كذب الفرنسيين أنهم قالوا إنما جاءوا إلى بلدنا لـ”تمديننا”، وآخر كذبة لهم في هذا الباب قانون برلمانهم في فبراير 2005..

وأتحدى الإنس والجن أن يأتوني بدولة تحرم العلم على قوم بقانون غير فرنسا.

ولكي تواري فرنسا سوأتها غير القابلة للتورية – لكثرتها، وبشاعتها، وفظاعتها – كذبت مرة أخرى – وإن تعدوا أكاذيبها لا تحصوها – فادعت على لسان أحد مجرميها أن “العرب – الجزائريين عرق غير قابل للتربية”.. (L’arabe est une race inéducable) وما “كمية” العلم التي علّمتها لنا، فهي لخدمتها، وضررها أكثر من نفعها وأخطر..

وقد منّ الله على الجزائريين فبعث فيهم علماء عاملين، يعلمونهم، ويزكونهم، ورمزهم هو الإمام عبد الحميد ابن باديس، الذي لم يخن وطنه، ولم يبع دينه، وعرف “الطينة الجزائرية” بعد دراسته لها، فقال: “إن الطينة الجزائرية طينة علم وذكاء، إذا واتتها الظروف”.

تذكرت مقولة الفرنسيين الكذبة عنا، ومقولة الإمام ابن باديس الصادق وأنا أقرأ خبر انتخاب العالمة الجزائرية مريم مراد لعضوية الأكاديمية الأمريكية للعلوم. (الشروق اليومي، 16-5-2020، ص2).

ولا يجرمنني شنآني فرنسا أن أعدل ما قوله بأننا نحن المسلمين، وأولنا أكثر “علمائنا”، الذين ظلمنا المرأة، فحرمنا عليها ما أوجبه الله – عز وجل- ورسوله- صلى الله عليه وسلم- من طلب العلم، وقد جئنا في ذلك أمرا إذا، إذ تقولنا على الله وعلى رسوله بأنهما “حرما” على المرأة التعلم.. وما حرم الله، ولا رسوله، العلم على الإنسان، ويستوي في ذلك الذكران والنسوان.. فهنيئا للأستاذة مريم مراد بما تحصلت عليه، لا منّة من منّان، ولكن بفضل ما وهبها الله – عز وجل من حنان.. ولا تنسي أنك من “طينة جزائرية” طيبة، “والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه”.

مقالات ذات صلة