الرأي

تركة أبوتريكة

عمار يزلي
  • 3339
  • 6

شعرت لحظة أن أبي الذي عاش إلى أن لم يبق فيه سوى الجلد على العظم، قد بدأ يحتضر. فقد جمعنا نحن 4 أبناء و7 بنات! وراح يوصي، بحضور فقيه القرية، بطريقة توزيع أملاكه في حياته حتى “لا يترك لغير الوارث ما يرث”. جلست بجواره كوني الأصغر، ورحت أمسك ببطاريات قلبه المعلقة إلى جنبه: بطاريات قلب بحجم بطاريات الساعة الحائطية. قال لنا: أنا قد لا أطيل البقاء بينكم، لهذا جمعتكم! قلت له: بعيد الشر أبي، مازال باقي البركة، علاش ما تسحب حتى أنت الاستمارة وتترشح للرئاسيات، علاه؟ هم خير منك؟ لم يقل شيئا، وإنما فهمت أنه موافق ضمنيا!!! البقية احتاروا في هذا العرض، البعض همهم والبعض سكت والبعض استنكر وأنكر وطلب مني أن أسكت (لكي يوزع أبي ممتلكاته الضخمة التي يملكها في كل مكان! حتى في الخارج!).

سكت، ثم بدأ التكلم بصعوبة بالغة.. كلاما مقطعا، ثلثه كلام والثلثان الآخران مقسمان ما بين زفير شهيق. بدأ بالأكبر: أنت يا العربي (كحل الراس) راني أعطيتك في حياتي لوزينات نتاع السيما والمعامل نتاع البيرة، تهلا في يمات يماك. أنت يا عبد الرحمن (الداخل) راني خليت لك سوناطراك.. وسونلغاز.. تهلا في خوتك. أنت يا جيلالي (زين الهدات) راني خليت لك أرزيو ومركب الصلب بعنابة. تهلا في خواتاتك، ثم انتقل إلى البنات.. دون أن يذكرني. أردت أن أنبهه: هاااو..آآآالحاج؟ وأنا واش؟ جيتك على العين اليسرى؟ لكني سكت! أنت يا نجاة (عتابو) راه عندك الجامع الأعظم ومسجد باريس وكل المساجد والزوايا. تهلاي في أولادك. أنت يا لويزة (حنون) راني خليت لك الحمايم كلها: ريغة، بوغرارة، بوحنيفية، حمام ربي، حمام بوحجر. حليمة.. خليت لك لوطوروت إيست ويست.. المطارات.. والقطارات والكيران… تهلاي في روحك وفي الجيران.

وما إن انتهى من الأخيرة، حتى شهق وانتفض، فتح عينيه وهمد. صرخت: بابا. بابا… أحمد؟ وأنا؟ وأنا؟ ورحت أضغط على بطارياته لعلي أعيد شحنها. فلم يستجب. أخرجتها ورحت أعظها بأسناني: عنننن… عننن.. بابا، بابا.. ماتموتش.. عنننن.. وأنا؟؟ وأنا؟؟ ثم صرخت في ابني: يابن الكلب، روح جيب شارج باتري.. طير! ذهب، ثم جاء يجري بشاحن بطاريات شاحنة! هاك.. بابا! قلت له: يا حمار؟ الشارجور نتاع سامسونغ! أجري… راح، ثم جاءني يحمل باتري نتاع كاميو: هاك بابا.. ينوض بهذا؟ ضربته حتى طارت خنونته: هذا جدك ولا هيليكس؟ ورحت أصرخ: بابا.. بابا أحمد.. عبد العزيز.. وأنا؟ وانا؟ قبل أن يقول لي الفقيه: أنت راه خلالك “دار أمك”.. رشحك للرئاسة!

وأفيق وأنا اصرخ: بب… بوتفليقة..؟ ..وأنا؟

مقالات ذات صلة