الرأي

تطبيع ووطن للبيع!

عمار يزلي
  • 1202
  • 3

نكسة في يوم النكبة.. هذا ما يمكن استخلاصه من خبر من “كتاب العبر في المبتدإ والخبر وأخبار العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، قالها ابن خلدون قبل 5 قرون: “إذا عربت، خرّبت”.. لم يكن يقصد طبعا العرب كثقافة وحضارة وعرق، بل بداوة الأعراب من بني سليم الذين أحرقوا القيروان.. ماذا كان سيكون لو بقي ابن خلدون إلى الذكرى السبعين للنكبة؟ أكيد، كان سينهي “المقدمة” بـ”خاتمة”، مفادها أن العرب، إذا تغرّبوا، ترعبوا، وإذا ترعبوا، تبرعوا!” وهذا ما يحدث اليوم مع دخول عرب الخليج ومن جاورهم على النيل، بعدما وصل بهم الأمر إلى حد ما وصل به الأمر عند بني حفص مع الإسبان وأيضا ملوك الطوائف في الأندلس، وقبلهم تحالف بعض القبائل العربية مع الفرس ضد البيزنطيين وتحالف آخرين مع البيزنطيين ضد فارس (الغساسنة والمناذرة).
تباع القضية الجوهرية للعرب والمسلمين في المزاد العلني، ويُعلن التطبيع ويعلن وطن الجميع للبيع.. الكل بات يعرف من هو المدافع عن العروبة والعرب والمسلمين ومن يدافع عن مصالحه وكرسيّه فقط ولو بسقط المتاع. إيران وتركيا، اللتان تخيفان العرب وهما “أعاجم”، ستبقيان الضامنين لأمن العرب للأسف.. مصالح العرب، سيحميها غير العرب، لأن ذلك سيكون باسم حماية المصالح الإسلامية لا القومية، ولما صرنا نعتبر القومية العربية القبلية والمشيخة هي الأساس، فقد جعلنا من الإسلام، حالة نكران، إننا نتنكر لذواتنا ولديننا الذي جعل منا “شعوبا وقبائل لنتعارف” لا لنتعارك!
دم شهداء غزة في يوم النكبة، سيمهِّد الطريق آجلا أم عاجلا لعودة الحق ولو بعد قرن.. إنها نهاية التاريخ ونهاية الديمقراطية.. لن يتمكن العرب المساندون ولا اليهود والأمريكان المعادون من فرض خارطة طريق هم يعلمون أنها لن تصمد أمام التاريخ العربي والعبري والإسلامي والمسيحي.. الكل يعلم أن الحق يعلو ولا يُعلى عليه، وأنه من يبيع آجله بعاجله، فمصيره إلى زوال!
أبطال غزة ودم غزة ونضال غزة والضفة وباقي الدم الفلسطيني سيمحو عارنا جميعا عندما فرَّطنا في وحدتنا وتجندنا في خنادق غير خنادقنا وصدقنا وصادقنا الأعداء وتحالفنا مع الأذلاء، وتعسكرنا وكررنا بعدما فررنا.. لنصرة “يهودا والسامرة” وسكتنا، بل وسمحنا بنقل السفارة من العمارة على ظهر حمارة إلى القدس الشرقية عاصمة المسلمين بلا إذن ولا قرار وبلا إشارة.. إنها البشارة.. فلنستبشر خيرا.. الدم سيسيل لأنه هو السبيل..
الإدارة الأمريكية فعلت ما فعلت، فلا ضير في أن يفعل الصهاينة والمسيحيون المتصهينون ورجال المال والأعمال والسياسيون التجار والتجار السياسيون، ما يشاؤون، فهذا دينهم وديدنهم.. لكن، أين ديننا وديدننا نحن أهل الدين؟ هل بدَّلنا ديننا بدنيانا في آخر المطاف بعد أن ألهتنا أموالنا وأهلونا؟ هل هو الثراء الفاحش الذي يدفع بنا إلى فعل كل شيء للإبقاء على العروش والكروش؟ أهذا ما جاءت به إلينا الرسالة المحمدية والدين السمح؟ هذا كله ما ورثناها منذ 14 قرنا ونيفا؟ رمينا بالقرآن عرض حائط المبكى وباب “المندب” وحوّلنا القبلة والحرم إلى بقاع للسياح، قد يدخلها في ما بعد اليهود والنصارى والذين أشركوا..؟ إن الله لا يغيِّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وقد غيرنا ما بأنفسنا كثيرا جدا… فلنبشر بنهاية قديمة لصالح بداية جديدة.. لن تكون إلا خيرا ولن يكون المستقبل إلا عربيا وإسلاميا.. والعزة من غزة.. ولو كره المنافقون.. والمقاومة وحلف الفرس وبيزنطا.. اليوم (تركيا وإيران)، سيكونان البديل الأبدل.. بعدما بدَّلنا من أنفسنا كعرب تبديلا!

مقالات ذات صلة