تنظيم الولائم والدعوة لحضورها باليوم الثالث لجنازة العاصميين
يشد سمع الداخل لمنزل عزاء بالعاصمة صوت ترتيل آيات من الذكر الحكيم عبر الأقراص المضغوطة التي لا تنتهي عن تلاوتها طيلة ثلاثة أيام، لينسى أهل الميت أنهم مكروهون في فقيدهم ويدعون الناس لحضور وليمة اليوم الثالث كصدقة على روح الميت.
-
تتميز المآتم العاصمية عن غيرها من المآتم بالولايات الأخرى باختلاف العادات والتقاليد، فهناك طقوس تغيّرت وأخرى استرجعت، حيث يقوم أهل الميت منذ الساعات الأولى على رحيل الشخص من الدنيا الفانية إلى الحياة الأبدية بالتحضيرات المنزلية لاستقبال الأهل والأقارب الذين يحضرون بغية تقديم التعازي لأهل الميت.
-
وتتمثل التحضيرات العادية حسب العادات المألوفة والراسخة ضمن تقاليد العائلات العاصمية في شراء الكفن بكامل لوازمه، قبل أن يتم استدعاء غسال الموتى الذي يقوم بالعمل الأكبر خلال الجنازة، وقد أصبحت العائلات العاصمية تحتفظ بنفس العادات في طريقة الغسل، وذلك حسب سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حيث أكدت إحدى الغسالات في حديثها للشروق بأنها بالرغم من اتباع العائلات الجزائرية للطرق السنية إلا أنها تتفاجأ في بعض المرات من طلبات أهل الميت ومن الطلبات التي صادفتها في أغلب الأحيان تمثلت في إبقاء الفستان بجسد المرحومة أو خمار على رأسها، وأكدت بأنها تتنازل عند رغباتهم، كما تقوم النسوة من جهة أخرى بتحضير أطباق متنوعة كالكسكس و”الشوربة” كصدقة على روح الميت التي يقال عنها حسب الروايات المختلفة أنها تسبق هذا الأخير قبره.
-
وفي الوقت ذاته مازالت طبائع العاصميين لم تختلف عن غيرها من الولايات الأخرى فيما يتعلق بطريقة الترحم على الميت، وذلك من خلال إشعال المسجلة بأشرطة قرآنية توضع على رأس الميت لتكون آخر شيء يتلقاه في أذنيه، خاصة بعد غسله وكفنه قبل ترحيله إلى المقبرة، وهناك من يقوم بإحضار مايسمونه بـ”الطلبة” الذين يقومون بدورهم بترتيل بعض الآيات من القرآن الكريم، وكذا أدعية السفر وتوديع الميت.
-
وفي الضفة المقابلة تقوم عائلة الميت وأقاربه بإلقاء النظرة الأخيرة عليه ويقومون بتقبيل جبينه ويديه طالبين منه المغفرة ليتم تغطية وجهه بقماش الكفن، وعندما يحين وقت إخراج الميت من البيت تقوم بعض العائلات ممن حافظوا على عادات الجاهلية بالنواح والبكاء الساخط على رأس الميت.
-
تتم بعد دفن الميت مراسيم التحضير للتأبينية واليوم الثالث، حيث تقوم العائلات العاصمية بتنظيم الولائم على مدار الثلاثة أيام، حيث أصبحت العائلات الجزائرية تحضر لليوم الثالث من العزاء وكأنها تحضر لمراسيم العرس، تقوم بطبخ أشهى الأطباق على رأسها “المثوّم” و”الشوربة” و”الكسكسي” بالإضافة إلى مختلف الفواكه والمشروبات، وأغرب ما في الأمر هو الدعوة لحضور مراسيم اليوم الثالث لتقديم صدقة على روح الميت.