الرأي

جريمة المعلمة يودراس!

حسين لقرع
  • 7467
  • 30
ح.م
المعلمة بودراس مع تلاميذها

لا ريب أن ما أثار حفيظة الوزيرة بن غبريط رمعون في فيديو المعلمة صباح بودراس هو حديثها عن اللغة العربية باعتبارها لغة التعبير في المدرسة، وإيحاءاتها إلى ضرورة تعزيز مكانة التربية الإسلامية في المنظومة التربوية، من خلال تلقين تلاميذها مجموعة جمل تؤكد كلها مكانة العربية والأخلاق الإسلامية لدى الجزائريين.

الوزيرة فهمت أن المقصود بـ”العربية لغة التعبير” في المدرسة هو رفض “إصلاحاتها” المزعومة التي ترمي إلى فرْنسة المواد العلمية للتعليم الثانوي في الموسم الدراسي 2019- 2020 حسب “اقتراحاتها” التي قدَّمتها مؤخرا للحكومة باسم “إصلاح البكالوريا”؛ فالمعلمة تدافع عن بقاء العربية لغة التدريس الأولى في المدرسة الجزائرية، سواء تعلّق الأمر بالمواد العلمية أم غيرها، وهو ما رأته الوزيرة تحديا خطيرا لها، فتعمّدت الإسراعَ إلى الإعلان عن إحالة المعلمة فورا إلى التحقيق قصد ردع آلاف المعلمين والأساتذة قبل أن يتَّسع حجمُ رفض “إصلاحاتها” التي بدأت منذ أيام بإصدار أول كتب “الجيل الثاني”، وستستمر إلى غاية 2020، رغم المعارضة الواسعة لها. 

لكن ما حدث هو أن الكثير من المعلمين والأساتذة رأوا في خطوة الوزيرة بن غبريط رمعون “حقرة” وقمعا لمعلمة لم ترتكب ذنبا إلا أنها تحدّثت عن الأخلاق الفاضلة ومكانة العربية كأغنى لغة في العالم (عدد كلماتها يصل إلى 12.302.912 كلمة)، وفهموا أنه قمعٌ ذو خلفيةٍ إيديولوجية تغريبية بحتة حتى وإن تدثّرَ بغطاء “منع تصوير الفيديوهات مع التلاميذ” فتضامنوا مع المعلمة بتصوير فيديوهات مع تلاميذهم ونشرها عبر فايسبوك، وكأنّ لسان حالهم يردّد “كلنا بودراس.. إذن عاقبينا جميعا إذا استطعتِ”!

ومعنى هذا أن حفيدة قدّور بن غبريط بدأت تصطدم برفض واسع لـ”إصلاحاتها” المزعومة في الأوساط التربوية في الأيام الأولى للدخول المدرسي، وتفسد عليها نشوتها بتوزيع ملايين كتب “الجيل الثاني” عبر الوطن. لقد اعتقدت بن غبريط أنها بذلك بدأت تفرض “إصلاحاتِها” كأمر واقع كما خططت له من قبل، وأنها لن تجد لدى 300 ألف معلم وأستاذ في الأطوار الثلاثة إلا الرضوخ للأمر الواقع والتنفيذ من دون نقاش إلى غاية استكمالها في عام 2020، ولكن الردّ سرعان ما جاءها من المعلمة بودراس وآلاف المعلمين والأساتذة الذين تعاطفوا معها، وكذا نقابات التربية وأولياء التلاميذ والكثير من الجزائريين عبر “فايسبوك”، وقد تتوسّع حركة رفض “الإصلاحات” غدا لتشمل فئاتٍ أوسع؛ فالوزيرة أصرت على فرض “إصلاحاتها” المزعومة من دون إشراك القاعدة التربوية ومختلف فعاليات المجتمع، وعليها أن تتحمّل نتيجة قرارها الفوقي الاستعلائي المليء بالاحتقار للجزائريين وعناصر هويتهم.

بقي أن نتساءل: من الأولى بالمتابعة القضائية وليس بالتحقيق فحسب: معلمة دافعت عن الأخلاق الفاضلة واللغة الرسمية للدولة حسب دستور البلد؟ أم وزيرة لا تكفّ عن التآمر عليهما وتسعى للتمكين للغة “فافا” بأيّ وسيلة؟! 

مقالات ذات صلة