الرأي

حدّثونا عن الرجولة

ح.م

كلمة الدكتور يوسف نواسة عن “الرجولة..” المنشورة في جريدة الخبر في يوم 25/6/2020 ذكرتني بإحدى قيم الشعب الجزائري الذي عاش عليها قرونا عديدة، بما فيها القرن وثلثه الذي ابتلي فيه بأقذر “استعمار” وأكثره نذالة ووحشية، وهو “الاستعمار” الفرنسي، الصليبي.

إن الرجولة ليست هي “كمال الأجسام” وضخامتها، فكم من امرئ كان “سمين الضواحي”، يكاد يحجب الشمس والهواء – بطوله وضخامته – عن غيره، ولكنه لا يصل إلى “وزن الذبابة” في عالم القيم، ومنها قيمة الرجولة.

إن هذه القيمة بدأت تنهار وتتلاشى في المجتمع الجزائري مع استرجاع استقلالنا، حيث راح بعض المسئولين يتصرفون تصرفات تمس “رجولة” بعض من هم تحت مسئوليتهم، خاصة من كانت لديه “قابلية النزول عن الرجولة”، خاصة من لم تضطره الظروف إلى ذلك..

لقد حرصت الحركة الوطنية الجزائرية بشقيها: الحضاري، ممثلا في جمعية العلماء، والسياسي، ممثلا في حزب الشعب الجزائري وما نسل منه، حرصت هذه الحركة الوطنية على تربية أعضائها على قيمة “الرجولة”، رغم الظروف القاسية التي كانت تدعو إلى عدم التشدد في هذه القيمة. وكان الإمام ابن باديس يربي تلامذته على “الرجولة” ويوصي الجزائريين بالعضّ بالنواجذ على هذه “الرجولة”، وكان هو نفسه فنا في الرجولة”، كما قال عنه أخوه الإمام الإبراهيمي، الذي كان يردد في أحاديثه “أن الفقر في الرجال أتعس من الفقر في المال، لأن الفقر في الرجال لا يجبره المال، أما المال فإن الرجولة كفيلة به قادرة على تحصيله”. (البصائر في 18-7-1949).

إن هذه “الرجولة” هي التي دفعت المعتمد بن عباد إلى أن يقول لمن حذّره من الاستنصار بيوسف بن تاشفين: “لأن أكون راعي إبل عند ابن تاشفين أحب إليّ من أن أكون راعي خنازير عند ألفونسو النصراني”..

إن السياسة التي انتهجت في الجزائر في العشريتين الأخيرتين كادت تقضي على ما تبقى من “رجولة” في الجزائر، خاصة أنها أصابت بعض “الأئمة” والقائمين على الشأن الديني، لدرجة “التبرك” بـ “كادر” إنسان كان سببا في كثير من مآسي الجزائر بتحطيمه للقيم التي اعتبرها “طابوهات”، وإشاعته الفساد السياسي والاقتصادي والتربوي في الجزائر، حتى استشرى الفساد في برها وبحرها وجوّها.. وكدنا نصيح مع الدهر:

لقد ذهب الناس، ومات الكمال وصاح الدهر: أين الرجال؟

إن الإسلام هو “دين الرجولة”، وهو ما بسطه الدكتور عبد الكريم صالح في كتاب تحت عنوان: “معالم الرجولة في القرآن الكريم”.

لقد دعا الأخ يوسف نواسة إلى تنشئة أبنائنا تنشئة “رجولية” في البيوت والمدارس والمساجد وإلا فسينشأ جيل جديد اخترع له الإمام الإبراهيمي اسما هو “الجزائريونات”، وسمّى هذا الجمع “جمع مخنث سالم”.

مقالات ذات صلة