-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

حذاء السنوار

حذاء السنوار

تدخل السبت، الحرب العالمية على المقاومة الفلسطينية وشعب غزة، يومها الخامس والثمانين، من دون أن يستطيع “تاسعُ جيش في العالم”، أن يحقِّق أيًّا من أهدافه التي أعلنها جهارا أمام العالم، وهو الذي قال قبل زحفه البرّي على قطاع غزة، إن الأمر لن يستهلك منه أكثر من أسبوعين، يحرّر فيهما أسراه، ويضع قادة “حماس” وجنودها في التوابيت، قبل أن يدخل في متاهات حرب غير متوازنة فعلا من الناحية المعنوية، بين مقاومين يعيشون لقضية، ومرتزقة يقدِّمون أدوارا، لا تختلف عن المشاهد الهوليودية التي يختتمونها بتسلم شيكات، مقابل قتل الأطفال ودكّ المستشفيات.

حتى في لهيب الحرب العالمية الثانية، حيث استعملت مختلف البلدان كل الممنوعات والمحرمات، لم نسمع عن بلاد أو كيان، بما في ذلك النازية، تعرض مبلغا ماليا لمن يدلّها على قائد أو جنرال، كما فعل كيان الموساد الصهيوني، الذي عرض نصف مليون دولار مكافأة، لمن يدله على مكان يحيى السنوار أو محمد الضيف، وهو الكيان الذي أنفق ملايير الدولارات من النار والحديد، ليقذفها على رؤوس النساء والأطفال والمسنين.

منظر صحافية صهيونية وهي تسير وسط الركام في أحد أحياء غزة، أمام منزل يحيى السنوار، ثم تحمل حذاءً وتقول إنه للقائد الفلسطيني، يبيِّن الوضاعة التي بلغها هذا الكيان “الذي لا يُقهر”.

وحالة الإعلام والجيش الإسرائيلي وهم يتحدّثون عن حذاء رجل مجاهد، هو دليلٌ على المستوى “الحذائيّي” الحقيقي لهذا الكيان الذي لا يدعم فقط جيشه بالمرتزقة الذين يقاتلون بمقابل مالي، وإنما يتعامل بطريقة المافيا على النمط الأمريكي، في أفلام الويسترن التي تشتري المعلومات من المرتزقة ومن الخونة.

في أكتوبر من سنة 1960 خلال انعقاد الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قام الرئيس الفيليبيني بوصف الاتحاد السوفياتي بـ”المستعمِر لدول شرق أوروبا”، فنزع الرئيس السوفياتي “نكيتا خروتشوف” حذاءه وضربه على الطاولة أمام رؤساء العالم، وعندما توفي الزعيم السوفياتي سنة 1964، عرض متحف الحروب في نيويورك مليون دولار لمن يبيعه حذاء خروتشوف، وفي ديسمبر من سنة 2008، قذف الصحافي العراقي منتظر الزيدي، بحذائه في وجه جورج بوش الذي كان في زيارة إلى بغداد، وبعد أيام قليلة، عرض عددٌ من متاحف إنجلترا وألمانيا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية، مبالغ هامة، لأجل شراء الحذاء الذي صفع وجه رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، وقد يرى حذاء يحيى السنوار، نفس الطلب في الأيام القليلة القادمة، في بلاد يبدو أن الحذاء أهم عندها من رقاب الناس.

لو قُدّر لأبي القاسم الطنبوري، أن يعيش في زمن “الأحذية الأغبر” هذا، لوجد لحذائه “المخروم” مكانا وسط هؤلاء الذين بحثوا عن حذاء خروتشوف ومنتظر الزيدي ويحيى السنوار، وما همّهم ما بلغوه من وضاعة.

لن ننسى أبدا تلك المشاهد التي بثتها “كتائب القسام” عن مجاهديها وهم يخوضون حربهم المقدسة حافيي الأقدام، فقد تركوا أحذيتهم هناك، نعم هناك لجامعي الأحذية وبائعيها بالمزاد العلني.

يقول فيلسوف الأخلاق الاجتماعية الأمريكي إيريك هوفر: “من يعضّون اليد التي تطعمهم، سيلعقون الحذاء الذي يركلهم”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!