الرأي

حذار من الغرق في صعوبات اللحظة الراهنة!

محمد سليم قلالة
  • 834
  • 4
ح.م

من الخطأ الغرقُ في صعوبات لحظة الوضع الراهن مهما كان نوعها، لأن صعوبات اليوم هي نتاج أخطاء الماضي، وليس بالإمكان العودة إلى الماضي لعلاج هذه الأخطاء من أساسها، بل علينا التعامل مع نتائجها بذكاء للتقليل من سلبياتها قدر الإمكان والتفكير بجدّ في ما هو قادم، وفيما ينبغي القيام به لعدم تكرار ذات الأخطاء أو ارتكاب أخرى جديدة شبيهة لها في المستقبل القريب والبعيد.

أزمة الوباء التي نعيشها اليوم مع كل العالم، سَتمُرُّ بإذن الله، طال الزمن أو قصر.. أليس الأهمّ بالنسبة لنا هو التفكير فيما بعدها بدل الغرق في تفاصيلها دون جدوى؟

كم مِن بيننا اليوم يتابع تأكيدات الخبراء العالميين في المجالين الاقتصادي والمالي منه بالخصوص كما يتابع تفاصيل الحاضر؟

هل من الصواب أن نغرق في تفاصيل نقائص هذا القطاع أو ذاك ونتبادل التهم بيننا، ولا ننتبه إلى أنَّ كل العالم يقول إنَّ الأخطار التي ستترتب عن الركود الاقتصادي العالمي في السنتين القادمتين نتيجة وباء كورونا ستكون مُدمِّرة أكثر من كورونا ذاتها؟ هل سينفعنا حينها الحديثُ عن شكل النظام السياسي السابق أو الراهن إن كان برلمانيا أو رئاسيا أو غيره؟ هل ستنفعنا الأحادية أو التعددية؟ أم علينا من الآن البحث عن الفاعلية حيثما وُجدت، والتماسك قدر ما نستطيع في مواجهة الأيام العصيبة القادمة؟

ألم تعتمد أقوى أنظمة في العالم نفس الأساليب لمعالجة المسائل المتعلقة بفعالية اقتصادياتها وأمنها برغم أن بعضها قائمٌ على التعددية مثل الدول الغربية والآخر على الأحادية مثل الصين؟

لِمَ نحن نَنظر إلى الوراء باستمرار، ونريد أن نُصبح كالدِّيمقراطيات الغربية الليبرالية التقليدية التي شاخت كما أردنا أن نُصبح كالديمقراطيات الشعبية الاشتراكية التي انتهت، وقد تخلَّى الطرفان عن هذين الخيارين التقليديين؟

لِمَ نحن باستمرار أسرى اللحظة الراهنة وفي أحسن الأحوال أسرى ماضي شعوبٍ وأمم أخرى، ابتكرت تعدُّديتها أو أحاديتها وفق خبرتها التاريخية ولم ترض لنفسها إلا بنموذج نابع من خصوصيتها؟

لِمَ لا نشرع في بناء مستقبلنا الآن، وفق خصائصنا الوطنية، ووفق التحدِّيات والتهديدات المستقبلية التي سيعرفها العالم؟ لِمَ لا نطرح على أنفسنا الأسئلة الصحيحة المتعلقة بكيفية تجنُّب انهيار اقتصادي ومالي وشيك قد لا تفلت منه دولٌ صناعية كبرى؟

أليست المشكلة اقتصادية اليوم في بلادنا بامتياز؟ لِمَ نسعَ إلى الهروب منها بحجة أن السياسة أولى، وأي سياسة؟ وهل نفعت هذه السياسة وحدها مَن أجرى انتخابات نزيهة وأصبح لديه برلمانٌ تعدُّدي دون إستراتيجية اقتصادية متينة؟ أم أنَّ أوضاعهم الاقتصادية ازدادت تدهورا؟

لا يعني هذا أن الاستبداد أو الديكتاتورية هما الحل، أبدا، إنما يعني أن الحل هو في مدى قدرة المجتمع والدولة على الاتِّحاد بغض النظر عن شكل وطبيعة النظام السياسي أحادي أو تعددي، على طريقة الصين أو أمريكا، على تجاوز منطق الغرق في اللحظة الراهنة والتحول نحو استباق المشكلات القادمة بحلول ناجعة وسريعة كل وفق طريقته وظروفه الخاصة… وهذا الذي نتطلع إليه، ونرى أنه بالإمكان أن يعيد لنا بعض الأمل.

مقالات ذات صلة