حراك متمدن.. ضد غير المتأدّبين
-
-
3422
-
6
بالرغم من تشاؤم الكثير بشأن الانتخابات القادمة، بأنها ستضيّع لنا فرصة ذهبية أخرى للانطلاق، وستُبقي دار لقمان على حالها، حيث تعود نفس الوجوه إلى الحكم، ويعود معها نفس الخطاب ونفس الممارسات، بالرغم من تسليم الكثير بأن هذا سيحدث لا محالة، وبأنه ليس علينا سوى قبول الأمر الواقع على مضض أو الخروج إلى الشارع منددين، وبرغم خطاب بعض الأشقاء والأصدقاء الذين يتمنّون وأحيانا بشيء من الفرح، أن تختلط الأمور عندنا، وأن نعود إلى نقطة الصفر بل ويُعلنون إلى العالم من على منبر الأمم المتحدة، بأن كل شيء قد انهار، وأن غرداية قد تحولت إلى حلب، كما أعلنها السفير المغربي، في الأمم المتحدة دون أن يراعي حرمة الجوار ولا علاقة المحبّة والإخاء التي تربط بين الشعبين الشقيقين المغربي والجزائري، برغم كل هذه الإدعاءات الحاملة لليأس، والمثبطة للعزائم والقاتلة لروح الأمل لدى الناس… أقول بأن ما نراه من حراك في مدننا وقُرانا، وما نراه من غضب البعض واستياء البعض الآخر ليس سوى إشارات على إرادة ناضجة ومتمدنة في التغيير لدى الجزائريين، لن تخرج أبدا على إطارها الطبيعي المدرك لتبعات كل فعل ونتائج كل رد فعل…
إن الذين خرجوا إلى الشارع هنا وهناك ليسوا سوى رموز نخبة جامعية أو سياسية أو شبابية، لم تتمكن الأطر التقليدية من جمعيات وأحزاب ونقابات وصحافة من استيعاب فيضانها، لم يخرج أي منهم بهدف التخريب أو التحطيم أو إيذاء الآخرين، ولم يخرج أي منهم حاملا معول الهدم والإفساد، بل جميعهم إنما تحركوا في إطار متحضّر مخلصين لوطنهم أولا ولمؤسساتهم ثانيا، رافضين تمادي بعض الأشخاص في السطو على إرادة الشعب، وغير قابلين البتة أن يدير البعض الآخر ظهورهم لجحافل الشباب الطامح للمساهمة في تسيير شؤونه بنفسه، وبناء وطنه وتحقيق التقدم والازدهار، وقبل ذلك إنما تحركوا ليعبّروا عن رفضهم لذلك التدني في مستوى الخطاب السياسي لدى غير المتأدبين من اللاعنين لآباء الشعب، أو المستهزئين بأعراشه ومناطقه، والأكثر من ذلك لدى المتطاولين على الذات الإلهية، و المستهزئين بلغة القرآن الكريم وحتى بآياته…
كل هذه العناصر وغيرها جعلتنا جميعا ننتفض من الداخل، ونعلن كل بطريقته أننا غير مستعدين لاستمرار التسيير الفاسد والإهانات الساقطة، والرجال والنساء غير المؤهلين لقيادتنا نحو المستقبل، وغير مستعدين أن نُمنع من تحقيق ذلك في الانتخابات القادمة، وسنعمل بكل الوسائل المشروعة لكي لا نُمنع.. وذلك هو الأمل…
