-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
قرارات طرد بالجملة ضد التلاميذ وصدام مع الأولياء

حرب على الملابس الفاضحة والتسريحات الغريبة في المدارس!

وهيبة سليماني
  • 10118
  • 5
حرب على الملابس الفاضحة والتسريحات الغريبة في المدارس!
أرشيف

قمصان وسراويل ممزقة.. ألبسة فاضحة وتسريحات شعر غريبة وملونة، وأذرع وأرجل ورقاب يغطيها الوشم، وأكسسوارات أشبه بما كان يرتديها الهنود الحمر.. هيئات غريبة لتلاميذ لا تزال تصدم الأساتذة، والتي عادت بقوة مع الدخول المدرسي لهذا العام إلى درجة أن محاربتها من طرف مديري المدارس والمعلمين تحوّلت إلى معارك يومية مع التلاميذ والأولياء وجعلت من البروتوكول الصحي للوقاية من كورونا إجراء على الهامش!!

سعدي الهادي: تلاميذنا أمام تسونامي التغريب ولابد من المرافقة

ومن خلال الندوات المرئية لوزير التربية الوطنية، الأستاذ عبد الحكيم بلعابد، مع مديري التربية عبر الولايات، شدد عليهم على تبليغ مسؤولي المؤسسات التربوية فرض الهندام المحترم للتلاميذ، حيث تم منذ الدخول المدرسي، وبحسب ما أكده بعض المفتشين التربويين، طرد 235 تلميذ في الطور الثانوي في العاصمة، بسبب ألبسة وتسريحات غريبة وغير محتشمة، وتعتبر ثانوية إسياخم بالدرارية ، واحدة من المؤسسات التربوية التي طبقت تعليمة بلعابد بصرامة.
ويرى بعض مسؤولي قطاع التربية بأن الإشكال الذي طرحته تعليمة وزير التربية، في ما يخص فرض هندام محترم في المدارس، هو عدم تبليغ أولياء التلاميذ بهذا الإجراء قبل الدخول المدرس أو على الأقل في الأيام الأولى للدراسة، وبرغم أن القرار يدخل في إطار احترام المؤسسة، إلا أنه في الحقيقة من صلاحيات النظام الداخلي لهذه المدارس وهو قانون موجود من قبل ولا يصلح أن يكون في شكل تعليمة تزيد من تعنت التلاميذ.
وقد أحدث تطبيق إجراء فرض الهندام المحترم وطرد التلاميذ ومنعهم من دخول المدرسة بسبب تصريحات وألبسة غير لائقة، حالة من العنف مع حراس المؤسسات التربوية، وتسبب لهم في اعتداءات ومناوشات مع أولياء التلاميذ أو التلاميذ أنفسهم.
ومسّ قرار رفض دخول التلاميذ بالتسريحات والألبسة الغريبة، عددا معتبرا من المدارس عبر الوطن، وقام المسؤولون في هذه المؤسسات التربوية بطرد كل من يأتي في هيئة مبتذلة ومتميعة، حيث اضطر مديرون إلى طرد تلاميذ وتلميذات بسبب تسريحات الشعر الغريبة والألبسة العارية والممزقة، وهؤلاء يدرسون في الطور الثانوي في كل من الجزائر العاصمة، وهران، وتبسة وخنشلة وسطيف، وميلة وعديد المدن الأخرى…

عبد الحليم مادي: بداية دخول مدرسي بآثار كورونا لا تقابل بعقاب التلاميذ

وأكد بعض الأساتذة في بعض متوسطات وثانويات العاصمة، أن ظاهرة عادت مجددا في ظل استمرار موجة وباء فيروس(كوفيد-19)، ورغم أنها كانت موجودة خلال الموسم الدراسي الماضي، إلا أن الاهتمام حينها، بتطبيق البروتوكول الصحي للوقاية من انتشار الوباء، لم يترك مجالا للالتفات إلى الظواهر الغريبة التي باتت تستشري في المؤسسات التربوية خلال السنوات الأخيرة، خاصة مع التطور التكنولوجي وهيمنة شبكات التواصل الاجتماعي على المراهقين.
وتفاجأ تلاميذ يدرسون في الطورين المتوسط والثانوي، بطردهم ومنعهم من دخول المدرسة، وهم الذين حرموا خلال العطلة الصيفية من الترفيه والتمتع بوقت راحتهم كما كان قبل جائحة كورونا الفيروس المستجد، ومن دون سابق إنذار وجدوا أنفسهم في قائمة الغير المرغوب فيهم لأن أشكالهم وهيئاتهم لا تنطبق على صفة التلاميذ الذين يأتون من أجل الدراسة…

مطلوب مشرفين تربويين في المدارس

وفي هذا الموضوع، قال الدكتور سعدي الهادي، خبير في علم الاجتماع، وأستاذ جامعي، إن المجتمعات الغربية غلبتنا بالكم الهائل من الوسائط والصور، وما تنتجه من تكنولوجيا وأفلام والرسوم المتحركة والمضامين الإعلامية والتسويقية، وغيرها من مغريات العصر.
ويرى أن مواجهة مثل هذا التسونامي من المستحدثات وضع له سياج ضعيف لا ينفع خاصة في ظل تهميش الفكر والثقافة، والعقول، والنماذج التي يقتدى بها في الأخلاق، حيث أن غياب النماذج البشرية، حسبه، التي تتميز بالسلوكيات الأخلاقية والمستويات الثقافية والفكرية، والتركيز على كل ما هو شكلي وتثمين الصورة بدأ يظهر وسط أطفالنا وشبابنا في المدارس.
وأكد الأستاذ سعدي الهادي، أن التلاميذ وخاصة في سن المراهقة مهددين أكثر بالتغريب، وعدم التناسق مع الوسط المجتمعي الذين يعيشون فيه، حيث أصبح الأساتذة في المؤسسات التربوية يخوضون معارك لمحاولة منهم تصليح السلوكيات عند بعض التلاميذ، في حين أن دورهم يتمثل في تلقين الدروس.
ومطلوب، حسبه، إدماج المشرفين النفسانيين والاجتماعيين، في المؤسسات التربوية، مهمتهم الاستماع وفهم نماذج التلاميذ الذين يرتدون ألبسة غريبة وقصات شعر شاذة، والحديث مع مجموعات يرى فيها الكثير من المراهقين، أنها قدوة وتتولى الزعامة داخل المدارس.
وقال إن التركيز على الأخلاق أهم من الأشياء الهامشية مثل الألبسة، حيث هناك تلاميذ يتلفظون بكلمات قبيحة وخادشه للحياء، وهم يظهرون بألبسة عادية آو محتشمة، في حين حسبه، أن التواصل والحوار من داخل الأسرة والمدرسة مع التلميذ، هو السبيل الأنجع في فهم دوافع خروجه عن العادة أو تصرفه الشاذ ولجوءه إلى التميز من خلال اللباس او قصة الشعر.

مقاومة التلاميذ بحجة اللباس غير صائب في ظل كورونا

ومن جهته، اعتبر الأستاذ عبد الحليم مادي، مختص في علم النفس التربوي، والتنمية البشرية، في تصريح لـ “الشروق”، طرد التلاميذ بسبب تسريحاتهم وألبستهم الغريبة، ليس أسلوبا لحل المشكل وعلاج الظاهرة، لأن التلاميذ وخاصة في الطورين المتوسط والثانوي يعيشون مرحلة البحث عن التميز والاختلاف، فهم في مرحلة المراهقة من جهة، وتحت ضغوطات تدابير الوقاية من كورونا والحرمان من التمتع العادي ومن دون قيود بالعطلة الصيفية.
وأوضح أن المرحلة العمرية لهؤلاء التلاميذ الذين يرتدون ملابس غربية ويميلون إلى قصات شعر شاذة، يبحثون عن شخصية مغايرة ومتمردة، وخاصة إذا كان هناك مشاكل كبيرة، وضغوطات مختلفة تأثر على نفسيتهم، حيث أن الاستقلالية والتميز عنوان بحثهم عن الراحة، وهو ما أدى حسب الأستاذ مادي، إلى تزايد حالات التسرب المدرسي، مشيرا إلى أن دراسة أجريت في الإمارات العربية، أثبتت أن الهروب من المدرسة سببه الرغبة الجامحة للتلميذ في التميز والاستقلالية، حتى لو كان يتحصل على نقاط مقبولة.
ويجد الأستاذ المختص في الاستشارات النفسية، عبد الحليم مادي، في عدم مقاومة التلاميذ الذين يظهرون بهيئات شاذة، ويتميزون بألبسة وقصات شعر غريبة، هو أسلوب لتفادي الكثير من المشاكل حيث أن بداية الدخول المدرسي لهؤلاء المحملين بمكبوتات عاطفية، ومع آثار كورونا وحالة النضج العاطفي والنفسي في مرحلة المراهقة، لم يبق عندهم إلا “شعرة معاوية” والتي قد تؤدي بهم أكثر إلى التمرد والتمسك بحالة التميز الغريب لديهم.
وقال مادي، إن في أمريكا والدول الإسكندنافية، يتركون الحرية التامة للتلميذ، والمهم عندهم هو التحصيل العلمي، حيث عند المراهق لا تنفع المقاومة بقدر اللجوء إلى السلوكيات الإيجابية لمحو السلوكيات السلبية أو ما يسمى في علم النفس بـ”التعزيز والإطفاء” أي يفضل أن يكافأ التلميذ صاحب السلوك الإيجابي لتحفيز التلميذ صاحب السلوك السلبي نحو التخلي عن هذا السلوك.
ومثلا حسبه، يتم تشجيع ومكافأة تلاميذ يرتدون ملابس تليق بحرمة المدارس للفت انتباه غيرهم من الذين يتميزون بكل ما هو شاذ، أو تلجأ وزارة التربية حسبه، إلى توحيد لباس خاص التلاميذ حسب الأطوار وعبر جميع المؤسسات التربوية.

ينبغي تغيير المناهج حتى تتغير الظواهر

ويرى الأستاذ المختص في الاستشارات النفسية، عبد الحليم مادي، أن قرار طرد التلاميذ بسبب التسريحات والألبسة الغريبة لا يعتمد على حجة واضحة وحجج ترتكز على قاعدة مقنعة، حيث قد يجد بعض المديرين أنفسهم في حرج، إذا برروا رفض لباس تلميذة بحجة دينية، لأن المدرسة لا تمنع غير المحجبات سواء المعلمات ام التلميذات من دخولها، وإذا كان هؤلاء وجدوا في القانون مبررا فهناك حسب الأستاذ مادي تذبذب في المعايير، حيث هناك ظواهر أخرى يمكن أن يكون لها أولوية محاربتها داخل المؤسسات التربوية.
ودعا الأستاذ مادي، إلى إعادة النظر في نوعية البرامج البيداغوجية التي لا يتماشى بعضها، مع المستجدات والظواهر الجديدة، والآفات التي تحيط بالمدرسة، حيث حتى مادة التربية الإسلامية، لا تركز على مستحدثات ودروس تتماشى مع الوقت الراهن.
وقال إن زرع الوعي والرقابة الذاتية للتلميذ أفضل بكثير من قرارات لا تهتم إلا بالجوانب الهامشية، وتحسين السلوك، حسبه، يأتي بالتحفيز والتشجيع بدل طرد التلميذ من المدرسة إلى الشارع.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • خليفة

    هؤلاء التلاميذ لهم اسر ،اباء و امهات ،و يعيشون في مجتمع له مرجعية دينية و ثقافية متميزة ،و هؤلاء التلاميذ يلبسون تلك الملابس الغير محتشمة و يقومون بتسريحات الشعر الغريبة امام اباءهم ،و الاهل هم الذين يشترون لابناءهم تلك الملابس شبه العارية سواء بالنسبة للذكور او الاناث ،فاذا تخلت الاسرة عن دورها التربوي ،فهل نطالب المدرسة بان تقوم بمثل هذا الدور ؟ و حتى اذا قامت المدرسة بهذا الدور فقد لا توفق الا نسبيا ،ذلك لان الاساس مهزوز ،فمتى يبلغ البنبان تمامه ،اذا كنت تبنيه و غيرك يهدم ،فلا يمكن ان تنجح المدرسة في تقويم سلوك هؤلاء التلاميذ إذا كانت اسرهم تسمح لهم بتلك السلوكات الغريبة عن دين و ثقافة المجتمع الجزائري.

  • أرض الشهداء

    جاء في المقال:"وتفاجأ تلاميذ يدرسون في الطورين المتوسط والثانوي، بطردهم ومنعهم من دخول المدرسة، وهم الذين حرموا خلال العطلة الصيفية من الترفيه والتمتع بوقت راحتهم كما كان قبل جائحة كورونا الفيروس المستجد..." !!!! كأن إرتداء هندام غير لائق و تسريحة شعر غريبة مبرر لعدم الترفيه أثناء العطلة . أقول الله يهدي الوالدين قبل أولادهم ، فعرض الأزياء الفاضحة لا مكان له في المدرسة و على الأولياء الإهتمام بالتحصيل العلمي فأنتم من تحددون مستقبل أبناءكم ، إما الى الإستقامة أو الإنحراف و الرذيلة ، حتى و لو يوفق الابن أو البنت دراسيا المهم أن يكون فيهما الصلاح ، فالصلاح هو أعظم شهادة

  • الهادي

    كل هذا بسبب ( استقلالة ) الأبوين من مهمتهما الأساسية ألا و هي التربية و المتابعة لأن الأبناء أمانة. و شخصياً ألاحظ يومياً بعد خروجنا من صلاة العشاء، نشاهد أنالمراهقين (و حتى الأطفال) مازالاوا في الشارع يتجولون لوحدهم و برفقة الشباب المنحرف !

  • أرض الشهداء

    جاء في المقال:"وتفاجأ تلاميذ يدرسون في الطورين المتوسط والثانوي، بطردهم ومنعهم من دخول المدرسة، وهم الذين حرموا خلال العطلة الصيفية من الترفيه والتمتع بوقت راحتهم كما كان قبل جائحة كورونا الفيروس المستجد..." !!!! كأن إرتداء هندام غير لائق و تسريحة شعر غريبة مبرر لعدم الترفيه أثناء العطلة . أقول الله يهدي الوالدين قبل أولادهم ، فعرض الأزياء الفاضحة لا مكان له في المدرسة و على الأولياء الإهتمام بالتحصيل العلمي فأنتم من تحددون مستقبل أبناءكم ، إما الى الإستقامة أو الإنحراف و الرذيلة ، حتى و لو يوفق الابن أو البنت دراسيا المهم أن يكون فيهما الصلاح ، فالصلاح هو أعظم شهادة

  • الحق احق ان يتبع،

    قبل تغريب الابناء فقد تم تغريب الاباء. الانترنت، الهواتف الذكية، ، عمل المراة، الحرية. المجتمع يتحكم فيه عن بعد و يتم تميعه شيئا فشيئا. البعد عن الدين هذا مايريدونه ان تكون المجتمعات المسلمة مثل الكافرة.