الرأي

حينما يفتخر المغاربة بمليون إسرائيلي!

حسين لقرع
  • 3596
  • 16
ح.م

تستميت النُّخبُ السياسية والإعلامية المغربية هذه الأيام في الترويج لفكرة أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قد ثبّت اعتراف سلفه دونالد ترامب بـ”سيادة” المغرب على الصحراء الغربية، وأنّه لم يتراجع عنه كما أشيع في الأيام الأخيرة، وتقدِّم هذه النخبُ ذلك على أنه “نصرٌ جديد” للطرح المغربي القائم على الحكم الذاتي الموسَّع للصحراويين.

والواقع أنّه ليس هناك أيُّ مؤشر يؤكّد تراجع بايدن عن قرار ترامب بشأن الصحراء الغربية، فهو وكبار مسؤولي إدارته لا يزالون يلزمون الصمت إزاء هذه المسألة، لكنّ التصريح المقتضب الذي أدلى به منذ أيام قليلة مستشارُه للأمن القومي جاك سوليفان، بأن إدارة بايدن ستبني على اتفاقات “إبراهام” المبرَمة مؤخرا، وستسعى إلى توسيع دائرة التطبيع لتشمل دولا عربية وإسلامية أخرى، يرجّح إمكانية عدم تراجع بايدن عن قرار سلفه حتى لا ينهار اتفاقُ التطبيع الصهيوني المغربي مبكرا، لاسيما وأنّ تصريح سوليفان جاء بعد مكالمة هاتفية مع مستشار الأمن القومي الصهيوني، المغربي المعروف مائير بن شبات، وهو عرّاب اتفاق التطبيع الأخير، ما يعني أنّ مائير قد تحدّث عن قرار ترامب تحديدا وأقنع إدارة بايدن بالإبقاء عليه، وأنها تصرَّفت وفق مصالح الاحتلال وليس وفق الشرعية الدولية.

لنفرض جدلاً أنّ بايدن أقرّ اعترافَ ترامب خدمة لمصالح الاحتلال، ومصلحة نتنياهو الذي سيخوض الانتخابات التشريعية في مارس المقبل وهو يراهن على أصوات مئات الآلاف من الإسرائيليين المغاربة لتحقيق النَّصر فيها، ويريد جلب الملك محمد السادس إلى الكيان الصهيوني قريبا لتوظيفه في حملته الانتخابية.. ما الذي سيغيّره تشبّثُ بايدن بقرار ترامب؟ هل سيمكّن المغربَ من حسم الصراع لصالحه كما يروّج المخزن منذ أسابيع زورا وبهتانا؟

نعتقد أنّه لا شيء سيتغيّر ما دامت الأمم المتحدة قد أدرجت القضية في إطار تصفية الاستعمار، وقرّرت تنظيم استفتاء ليختار الشعبُ الصحراوي بكلّ حرية ما إذا كان يريد الاستقلال عن المغرب، أم الانضمام إليها. المسألة واضحة إذن، فما الذي سيغيِّره القرارُ الأمريكي؟ هل غيَّر قرار ترامب، في 4 ديسمبر 2017، الاعتراف بالقدس عاصمة موحّدة للكيان الصهيوني شيئا في الواقع؟ ألم ترفضه أغلبُ دول العالم في الأمم المتحدة، برغم محاولات الترهيب الأمريكية؟

المسألة تتعلّق إذن بتهويل كبير لقرار ترامب للتغطية على خيانة القضية الفلسطينية وبيع القدس والانبطاح الذليل للسفاحين الصهاينة، وتبرير الخيانة والعمالة لاتّقاء ثورة الشعب المغربي على المخزن، في حين أنّ هذا القرار لا أثر له في الميدان والكلمة الفصل ترجع إلى الصحراويين وحدهم.

بقي أن نقول لبعض المغاربة الذين لا يزالون يتحدّثون بفخر كبير عن استقطاب نحو 200 ألف سائح صهيوني من أصل مغربي سنويا، وما يدرّه ذلك من فوائد على الاقتصاد المغربي: هذا الكلام عارٌ وشنار.. هؤلاء الذين تصفونهم زورا بـ”الجالية المغربية في إسرائيل؟!”، وتتفاخرون بأعدادهم الكبيرة التي بلغت المليون، هم صهاينة محتلُّون، غاصبون أداروا ظهورهم للمغرب الذي فتح أحضانه لأجدادهم اليهود وآواهم ووفّر لهم الحماية بعد فرارهم إليه من الاضطهاد المسيحي الاسباني عقب سقوط الأندلس سنة 1492، فتنكّر له الأحفاد واختاروا “الهجرة” إلى فلسطين المحتلة بين 1960 و1964، والمساهمة في تكريس احتلالها واغتصاب أراضيها وتهجير سكانها والتنكيل بهم والتنكّر لأبسط حقوقهم… والمفترض أن تستقبلوهم بالمحاكمات والسجون على جرائمهم بحق الفلسطينيين، أو على الأقلّ تغلقوا أبواب المملكة دونهم إن رفضوا التخلي عن الاحتلال والعودة النهائية إلى المغرب، لا أن ترحِّبوا بهم وتفتخروا بهم وكأنّكم بذلك تشجِّعونهم على ارتكاب المزيد من الجرائم في فلسطين!

مقالات ذات صلة